أي المطّلع على جميع الأشياء، الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والخفيات والجليَّات، والماضيات والمستقبلات، وسمع جميع الأصوات خفيها والجليَّات، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، وصغيرها وكبيرها، وأحاط علمُه وقدرته وسلطانه، وأوليته وآخريته، وظاهريته وباطنيته بجميع الموجودات، فلا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن، ولا كبير عن صغير، ولا قريب عن بعيد، ولا يخفى على علمه شيء، ولا يشذ عن ملكه وسلطانه شيء، ولا ينفلت عن قدرته وعزته شيء، ولا يتعاصى عليه شيء، ولا يتعاظمه شيء.
وجميع أعمال العباد قد أحصاها وقد علم مقدارها ومقدار جزائها في الخير والشر، وسيجازيهم بما تقتضيه حكمته وحمده وعدله ورحمته، والملوك والجبابرة وإن عظمت سطوتهم، وعظم ملكهم، واشتد جبروتهم، وتفاقم طغيانهم، فإنَّ الله لهم بالمرصاد قد أحاط بأحوالهم، وأحصى وراقب كلَّ حركاتهم وسكناتهم، ونواصيهم بيده، وليس لهم خروج عن تصرفه وإرادته ومشيئته.
أين المفرُ والإلهُ الطالب والمجرمُ المغلوبُ ليس الغالب القائل لهذا البيت هو نفيل بن حبيب، قاله حين رأى ما أنزل الله عزَّ وجلَّ من نقمته بأبرهة ومَنْ معه حينما قصدوا هدم البيت الحرام.
انظر: تفسير الطبري (١٥/٣٠٣) ولفظه فيه: "والأشرم المغلوب"
فهذه الأسماء الثلاثة ترجع إلى سعة علمه، وإحاطته بكلِّ شيء، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وإلى شهادته لعباده وعلى عباده بأعمالهم، وإلى الجزاء وانفراد الرب بتصريف العباد، وإجرائهم على أحكام القدر، وأحكام الشرع، وأحكام الجزاء، والله أعلم.
الحميد المجيد


الصفحة التالية
Icon