أي: الذي له جميع المحامد والمدائح كلِّها، وهي جميع صفات الكمال، فكلُّ صفة من صفاته يحمد عليها، ويحمد على آثارها ومتعلقاتها، فيحمد على كلِّ تدبير دبّره ويدبره في الكائنات، ويحمد على ما شرعه من الشرائع وأحكمه من الأحكام، ويحمد على توفيقه أولياءه وعلى خذلانه لأعدائه، كما يحمد على إثابته للطائعين وعقوبته للعاصين، وله الحمد على ما تفضل به على العباد من النعم والخيرات والبركات التي لا يمكن العباد إحصاؤها ويتعذر عليهم استقصاؤها.
فحمده تعالى قد ملأ العالم العلوي والسفلي، وله الحمد في الأولى والآخرة، وقد عمَّ حمده كلَّما يتقلَّب فيه العباد، لكون ذلك راجعًا إلى حكمته وعدله وفضله وإحسانه، ووضعه الأمور مواضعها، وهو الحميد الذي يحمده أنبياؤه وأصفياؤه وخيار خلقه، وهو تعالى الحميد الذي يحمدهم على ما أنعم به عليهم فمنه السبب والمسبب.
وأما المجد فهو سعة الصفات وعظمتها، فالمجيد يرجع إلى عظمة أوصافه وكثرتها وسعتها، وإلى عظمة ملكه وسلطانه، وإلى تفرده بالكمال المطلق والجلال المطلق والجمال المطلق، الذي لا يمكن العباد أن يحيطوا بشيء من ذلك، فإذا جُمع بين الحميد المجيد صار اسمُ الحميد أخصَّ بكثرة الأوصاف وسعتها، واسم المجيد أخصَّ بعظمتها وتوحده بالمجد.
الحكيم
أي الموصوف بكمال الحكمة، وبكمال الحكم بين عباده. فالحكمة هي سعة العلم والاطلاع على مبادئ الأمور وعواقبها، وعلى سعة الحمد حيث يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها، ولا يتوجه إليه سؤال ولا يقدح في حكمته مقال، فله الحكمة في خلقه وأمره.