والنوع الثاني: عفوه الخاص ومغفرته الخاصة للتائبين والمستغفرين، والداعين والعابدين، والمصابين بالمصائب المحتسبين، فكلُّ من تاب إليه توبة نصوحًا وهي الخالصة لوجه الله، العامة الشاملة التي لا يصحبها تردد ولا إصرار، فإنَّ الله يغفر له من أي ذنب كان، من كفر وفسوق وعصيان، وكلُّها داخلة في قوله: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾ [الزمر: ٥٣].
وقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة في فبول توبة الله من عباده من أيِّ ذنب يكون. وكذلك الاستغفار المجرد يحصل به من مغفرة الذنوب والسيئات بحسبه، وكذلك فعل الحسنات والأعمال الصالحة تكفر بها الخطايا، ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤].
وقد وردت أحاديث كثيرة في تكفير كثير من الأعمال للسيئات مع اقتضائها لزيادة الحسنات والدرجات، كما وردت نصوص كثيرة في تكفير المصائب للسيئات، خصوصًا الذي يحتسب ثوابها ويقوم بوظيفة الصبر أو الرضى، فإنَّه يحصل له التكفير من جهتين: من جهة النفس المصيبة وألمها القلبي والبدني، ومن جهة مقابلة العبد لها بالصبر والرضى اللذين هما من أعظم أعمال القلوب، فإنَّ أعمال القلوب في تكفيرها السيئات أعظمُ من أعمال الأبدان.


الصفحة التالية
Icon