وللرشيد معنى آخر بمعنى الحكيم، فهو الرشيد في أقواله وأفعاله، وهو على صراط مستقيم فيما يشرعه لعباده من الشرائع، التي هي رشد وحكمة، وفيما يخلقه من المخلوقات ويقدره من الكائنات، الجميع رشد وحكمة، لا عبثٌ فيها ولا شيءٌ مخالف للحكمة.
الولي
ولايته تعالى وتوليه لعباده نوعان:
ولاية عامة: وهو تصريفه وتدبيره لجميع الكائنات، وتقديره على العباد ما يريده من خير وشر، ونفع وضر، وإثبات معاني الملك كلِّها لله تعالى.
والنوع الثاني في الولاية والتولي الخاص، وهذا أكثر ما يرد في الكتاب والسنّة كقوله: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٠]، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: ١١].
وهذا التولي الخاص يقتضي عنايته ولطفه بعباده المؤمنين، وأنَّ الله يربيهم تربية خاصة، يصلحون بها للقرب منه ومجاورته في جنات النعيم، فيوفقهم للإيمان به وبرسله، ثم يغذي هذا الإيمان في قلوبهم وينمّيه، وييسرهم لليسرى، ويجنبهم العسرى، ويغفر لهم في الآخرة والأولى، ويتولاهم برعايته وحفظه وكلاءته، فيحفظهم من الوقوع في المعاصي، فإن وقعوا فيها بما سوّلت لهم أنفسهم الأمّارة بالسوء، وفّقهم للتوبة النصوح، فإذا تولوا ربهم تولاهم ولايةً أخصَّ من ذلك، وجعلهم من خواص خلقه بما يهيئ لهم من الأسباب الموصلة لهم إلى كلَّ خير.
قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [يونس: ٦٢-٦٤].


الصفحة التالية
Icon