والإخبار بعروج الأشياء إليه وصعودها وبنزولها منه، كقوله: ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤]، ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، وكقوله: ﴿حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ في عدة مواضع. فيدل ذلك على علوه، وعلى أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
وكذلك قصة موسى وفرعون إذ قال فرعون: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى﴾ [غافر٣٦، ٣٧]. وهذا ظاهر غاية الظهور أن فرعون قد أنكر ما قاله موسى –صلى الله عليه وسلم- من علو الله على خلقه، فقال هذه المقالة موهمًا وملبسًا على قومه، لذلك كان السلف يسمون الجهمية الفرعونية لاعتقادهم نفي العلو، كما اعتقده وأنكره فرعون.
ومن ذلك: اسمه الظاهر حيث فسّره –صلى الله عليه وسلم- أنَّه الذي ليس فوقه شيء.
ومن ذلك: اختصاصه لبعض مخلوقاته بقربه وعِنديته، كقوله عن الملائكة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ﴾ [الأعراف: ٢٠٦]، ﴿وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ﴾ [الأنبياء: ١٩].
وأما استواؤه على العرش فقد ذكره الله في سبعة مواضع من القرآن، مثل قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] فالاستواء معلوم والكيف مجهول، كما يقال مثل ذلك في بقية صفات الباري، فإنَّ الكلام فيها مثل الكلام في الذات، فكما أنَّ لله ذاتًا لا تشبهها الذوات، فله تعالى صفات لا تشبهها الصفات.
فصفة العلو لله تعالى ثابتة بالسمع والعقل كما تقدم، وصفة الاستواء ثبتت في الكتاب وتواترت بها السنّة.
القول في نزول الرب إلى السماء الدنيا
وإتيانه ومجيئه يوم القيامة


الصفحة التالية
Icon