ووصف نعيمها مفصلاً، فتقدم ذكر رؤية الباري الذي هو أعلى نعيم يحصل لأهل الجنة، والتمتع بلقائه ورضوانه، وسماع كلامه وخطابه.
وأخبر تعالى أنَّ جميع أصناف الفواكه الموجودة في الدنيا موجودة في الدنيا موجودةٌ في الجنة ما يشبهها في الاسم فقط، لا في الحسن واللذة وطيب الطعم والتنعم بتناوله، وفيها أشياء ليس لها في الدنيا نظير، ولهذا قال: ﴿فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾ [الرحمن: ٥٢]، وقوله: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ *وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [الواقعة: ٢٠، ٢١] وذللت قطوفها أي ثمارها تذليلاً، كقوله: ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] يتناوله القائم والقاعد والماشي وعلى أيِّ حال.
وأنَّ أنهارها تجري من تحتهم أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفّى، ولهم فيها من كلِّ الثمرات.
ووصف فرشهم بأنَّ بطائنها من إستبرق وهو أعلى أنواع الحرير، فكيف بالظهائر، وأنَّ لباسهم فيها حرير، وحليهم الذهب والفضة واللؤلؤ وأنواع الجواهر الفاخرة، وذلك شامل لذكورهم وإناثهم، وأنَّ أزواجهم الحور العين خيّرات الأخلاق، حِسَان الأوجه، جمع الله لهنَّ بين الحسن والجمال الباطن والظاهر، كأنَّهنَّ الياقوت والمرجان من حسنهنَّ وصفائهنَّ، وأنَّهنَّ عُرُب متحببات إلى أزواجهنَّ بحسن التبعُّل، ولطف الآداب، وحسن الحركات والألفاظ الرقيقة والحواشي المليحة.