وهذا القصد الخبيث أعظم مُبعد لهم عن الله، فإنه لا يُتقرب إليه إلا بما يحب، ولا يُتوسل إليه إلا بالإيمان والتوحيد الخالص، والأعمال الخالصة لوجهه. ومن تقرب إليه بالشرك لم يزدد منه إلا بُعدًا، وبذلك قطع الصلة بينه وبين ربه فاستحق الخلود في النار وحرم الله عليه الجنة.
ومن براهين التوحيد: أيامه بين عباده، وإكرامه للرسل وأتباعهم الذين قاموا بتوحيده، و إنجائهم من الشرور والعقوبات، وإحلاله المثلات بالأمم المشركة بالله، المستكبرة عن عبادة الله، المكذبة لرسول الله لما حذرهم وأنذرهم، وأقام عليهم الحجج المتنوعة والآيات المفصلة على توحيده وصدق رسله، فكذبوا فأوقع بهم أنواع العقوبات المتنوعة، ﴿فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٠].
ثم خاتمة ذلك ما نصر به خاتم رسله محمدًا ﷺ حين بعثه بالتوحيد الخالص والنهي عن الشرك، فقاومه أهل الأرض الأقربين منهم والأبعدين، ومكروا في نصر باطلهم، وإبطال الحق الذي معه المكرات العظيمة، فخذلهم الله ونصر نبيه وأتباعه النصر الذي لا مثيل له، إنَّ في ذلك لآية على أنَّ دين الله الذي هو التوحيد والإيمان هو الحق، وأنَّ ما يدعون من دونه هو الباطل، وأن رسوله هو الصادق الأمين، وأن جميع من عاداه لفي أعظم الغي والضلال و الشقاء.
ومن البراهين على التوحيد وعلى صدق الرسول ﷺ وهو داخل في الإيمان بالله ورسوله، والإيمان بالغيب، ما قصّه الله في كتابه من الغيوب الماضية والحاضرة والمستقبلة التي لا تزال تحدث شيئًا فشيئًا طبق ما أخبر به القرآن.