وتوحيد الإلهية والعبادة، وهذا يرجع إلى العمل والإرادة، عملِ القلوب وعملِ الأبدان كما تقدَّم، ويسمَّى توحيد الإلهية، لأنَّ الإلهية وصف الباري تعالى، ويسمَّى توحيد العبادة لأنَّ العبادة وصف العبد الموحِّد المخلص لله في أقواله وأعماله وجميع شؤونه، والقرآن العظيم يكاد كلُّه أنْ يكون تقريرًا لهذه الأصول العظيمة، ودفعًا لما يناقضها ويضادَّها من التعطيل والتشبيه والتنقيص، ومن الشرك الأكبر والأصغر والتنديد.
وجوب تصديق الله ورسوله في كل خبر وتقديم ذلك على غيره
قال تعالى: ﴿قُلْ صَدَقَ اللّهُ﴾ [آل عمران: ٩٥]، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً﴾ [النساء: ١٢٢]، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً﴾ [النساء: ٨٧]، ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فاطر: ١٤]، ﴿قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ﴾ [البقرة: ١٤٠]، ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ﴾ [الأنعام ١٩]، ﴿لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ [النساء: ١٦٦]، ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨].
والآيات في هذا المعنى العظيم كثيرة، تدل أوضح دلالة، على أن أفرض الفروض على العباد أن يصدقوا الله تعالى في كل ما أخبر به عن نفسه من صفات الكمال وما تنزَّه عنه من صفات النقص، وأنه أعلم بذلك من خلقه، وشهادته على ذلك أكبر شهادة، وخبره عن نفسه وعن جميع ما يخبر به أعلى درجات الصدق، وذلك يوجب للعبد أن لا يدخل في قلبه أدنى ريبٍ في أيِّ خبر يخبر الله به، وأن يُنَزِّلَ ذلك من قلبه منزلة العقيدة الراسخة التي لا يمكن أن يعارضها معارض ولا يعتريها شك.


الصفحة التالية
Icon