الثانية: الاستعاذة في الصلاة للقراءة لا للصلاة، وهذا مذهب الجمهور كالشافي وأبى حنفية ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل. وقال أبو يوسف: هي للصلاة، فعلى هذا يتعوذ المأموم وإن كان لا يقرأ ويتعوذ في العيدين بعد الإحرام وقبل تكبيرات العيد، ثم إذا قلنا بأن الاستعاذة للقراءة فهل قراءة الصلاة قراءة واحدة فتكفى الاستعاذة في أول ركعة أو قراءة كل ركعة مستقلة بنفسها فلا يكفى. قولان للشافعي، وهما روايتان عن أحمد، والأرجح الأول لحديث أبى هريرة في الصحيح: أن النبي - ﷺ - كان إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة ولم يسكت، ولأنه لم يتخلل القراءتين اجنبى بل تخللها ذكر فهي كالقراءة الواحدة حمد لله أو تسبيح أو تهليل أو نحو ذلك. ورجح الإمام النووي وغيره الثاني، وأما الإمام مالك فإنه قال: لا يستعاذ إلا في قيام رمضان فقط. وهو قول لا يعرف لما قبله، وكأنه أخذ بظاهر الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله - ﷺ - يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين) ورأى أن هذا دليل على ترك التعوذ. فأمات قيام رمضان فكأنه رأى أن الأغلب عليه جانب القراءة. والله أعلم.
الثالثة: إذا قرأ جماعة جملة هل يلزم كل واحد الاستعاذة أو تكفى استعاذة بعضهم. قال المحقق ابن الجزرى: لم أجد فيها نصا، ويحتمل أن تكون كفاية وأن تكون عينا على كل من القولين بالوجوب والاستحباب. والظاهر الاستعاذة لكل واحد؛ لأن المقصود اعتصام القارئ والتجاؤه بالله تعالى عن شر الشيطان كما تقدم فلا يكون تعوذ واحد كافيا عن آخر. كما هو المختار في التسمية على الأكل فليس من سنن الكفايات. أ هـ.