وتأمل كيف أتت مجموعة في قوله تعالى :( وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ) الأنعام ٣، فإنها أتت مجموعة هنا لحكمة ظاهرة، وهي : تعلق الظرف بما في اسمه تبارك وتعالى من معنى الإلهية، فالمعنى : وهو الإله وهو المعبود في كل واحدة من السماوات، ففي كل واحدة من هذا الجنس هو المألوه المعبود، فذكر الجمع هنا أبلغ وأحسن من الاقتصار على لفظ الجنس...
وتأمل كيف جاءت مفردة في قوله :( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ) الذاريات ٢٣ إرادة لهذين الجنسين أي : رب كل ما علا وكل ما سفل فلما كان المراد عموم ربوبيته أتى بالاسم الشامل لكل ما يسمى سماء وكل ما يسمى أرضا، وهو أمر حقيقي لا يتبدل ولا يتغير وإن تبدلت عين السماء والأرض.
فانظر كيف جاءت مجموعة في قوله :( يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض ) الجمعة ١ في جميع الصور لما كان المراد الإخبار عن تسبيح سكانها على كثرتهم وتباين مراتبهم لم يكن بد من جمع محلهم.
ونظير هذا جمعها في قوله :( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) الأنبياء ١٩، وكذلك جاءت في قوله ( تسبح له السماوات السبع ) الإسراء ٤٤ مجموعة، إخبارا بأنها تسبح له بذواتها وأنفسها على اختلاف عددها، وأكد هذا المعنى بوصفها بالعدد ولم يقتصر على السماوات فقط بل قال : السبع.
وانظر كيف جاءت مفردة في قوله :( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) الذاريات ٢٢، فالرزق المطر، وما وعدنا به الجنة، وكلاهما في هذه الجهة لا أنهما في كل واحدة من السماوات، فكان لفظ الإفراد أليق بها، ثم تأمل كيف جاءت مجموعة في قوله :( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) النمل ٦٥، لما كان المراد نفي علم الغيب عن كل من هو في واحدة من السماوات أتى بها مجموعة.