ومن هذا الباب حذف كثير من الأجوبة في القرآن لدلالة الواو عليها، لعلم المخاطب أن الواو عاطفة ولا يعطف بها إلا على شيء كقوله تعالى :( فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب ) يوسف، ١٥ وكقوله تعالى :( حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها ) الزمر ٧١.
وهذا الباب واسع في اللغة ) اهـ
القاعدة السادسة ـ وهي قريبة من سابقتها ـ :
الاستغناء بأحد المذكورين عن الآخر لكونه تبعا له ومعنى من معانيه، فإذا ذكر أغنى عن ذكره لأنه يفهم منه (١).
قال ابن القيم :( ومنه ـ في أحد الوجوه ـ : قوله تعالى :( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) فاستغنى عن خبر الأعناق بالخبر عن أصحابها.
ومنه ـ في أحد الوجوه ـ : قوله تعالى :( والله ورسوله أحق أن يرضوه )، المعنى : والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، فاستغنى بإعادة الضمير إلى الله إذ إرضاؤه هو إرضاء رسوله فلم يحتج أن يقول : يرضوهما.
ومنه ـ مما لم يذكره ابن القيم ـ : قوله تعالى :( والنخل والزرع مختلفا أكله ) الأنعام ١٤١.
القاعدة السابعة :
قد يكون ترك العطف هنا من بديع الكلام لشدة ارتباطه بما قبله ووقوعه منه موقع التفسير حتى كأنه هو (٢).
ومثاله :( في قوله تعالى :( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) يونس ٢، كيف لم يعطف فعل القول بأداة عطف ؛ لأنه كالتفسير لتعجبهم، والبدل من قوله تعالى :( أكان للناس عجبا ) فجرى مجرى قوله :( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا ) الفرقان ٦٩، فلما كان مضاعفة العذاب بدلا وتفسيرا لـ ( أثاما ) لم يحسن عطفه عليه.
(٢) البدائع : ١ / ٣٦٥ ط. ع، و : ١ / ٢١١ ط. م.