من أجل ذلك اعتنى العلماء ـ رحمهم الله ـ بتدوين القواعد المعينة على تفسير كلام الله وفهمه والاستنباط منه، وذلك في كتب مفردة (١)، أو أثناء كلامهم على الآيات تفسيرا واستنباطا، سواء في كتب خاصة بالتفسير، أو غيرها.
وقد تفاوت العلماء في ذلك تفاوتا كبيرا، بحسب ما آتاهم الله من الفهم في كتابه والغوص إلى أسراره، وقد ضرب الإمام شمس الدين أبي عبدالله محمد ابن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية في هذا المضمار بنصيب وافر، وقد وصفه بالتبحر في التفسير وعلوم القرآن ؛ فقال الحافظ ابن رجب ـ تلميذه ـ :( وتفنن في علوم الإسلام وكان عارفا بالتفسير لا يجارى فيه )، وقال :( ولا رأيت أوسع منه علما ولا أعرف بمعاني القرآن والحديث والسنة.. ) (٢).
ومن أكثر الكتب التي تعرض فيها ابن القيم للتفسير والتأصيل فيه كتابه ( بدائع الفوائد )، فقد فسر فيه آيات كثيرة جدا، وقد صنعت لها فهرسا، وأفرد فيه تفسير سورة الكافرون، والمعوذتين، وساق جزءا للإمام أحمد في تفسير آيات من القرآن.
وتشوق فيه إلى تأليف تفسير لكتاب الله على نمط تفسير المعوذتين، وكذلك تشوف إلى تأليف كتاب في أصول التفسير.
فرأيت أن أجمع القواعد والضوابط التفسيرية (٣) التي نثرها هذا الإمام في ثنايا كتابه هذا، إذ لي عناية خاصة بهذا الكتاب، فقد قرأته أكثر من مرة.
وقد اعتمدت في العزو إليه على طبعتين، طبعة دارعالم الفوائد، عدد صفحاتها ( ١٦٧٦)، والإشارة إليها بـ : ع. والطبعة المنيرية، عدد صفحاتها نحو ( ١٠٠٠ )، والإشارة إليها بـ : م.

(١) وذلك مثل : قاعد التفسير للفخر ابن تيمية، والتيسير في قاعد علم التفسير للكافيجي، وأصول التفسير لابن تيمية، وغيره
(٢) الذيل على طبقات الحنابلة : ٢ / ٤٤٨، وانظر : الشذرات : ٣ / ١٦٨، وطبقات المفسرين : ٢ / ٩٣
(٣) تشمل أيضا قواعد الترجيح.


الصفحة التالية
Icon