أن الثناء على الله عامة ما يجيء مضافا إلى أسمائه الحسنى الظاهرة دون الضمير، إلا أن يتقدم ذكر الاسم الظاهر فيجيء بعده المضمر (١).
وهذا نحو قول المصلي :( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد ) الفاتحة ١ ٥، وقوله في الركوع :( سبحان ربي العظيم )، وفي السجود :( سبحان ربي الأعلى )، وفي هذا من السر : أن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى هو لما تضمنت معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فأتى بالاسم الظاهر الدال على المعنى الذي يثنى به ولأجله عليه تعالى، ولفظ الضمير لا إشعار له بذلك.
ولهذا إذا كان ولا بد من الثناء عليه بخطاب المواجهة أتى بالاسم الظاهر مقرونا بميم الجمع الدالة على جمع الأسماء والصفات، نحو قوله في رفع رأسه من الركوع :( اللهم ربنا لك الحمد )، وربما اقتصر على ذكر الرب تعالى لدلالة لفظه على هذا المعنى، فتأمله فإنه لطيف المنزع جدا.
القاعدة التاسعة عشرة :
من شروط القول الصحيح في التفسير : أن يكون له سلف فيه، وتساعد عليه اللغة (٢).
قال ـ رحمه الله ـ تطبيقا لهذه القاعدة :( فإن قيل : فما تقولون في القول الذي ذهب إليه بعضهم : أن المراد به القمر إذا خسف واسود وقوله ( وقب ) أي : دخل في الخسوف أو غاب خاسف ؟
قيل : هذا القول ضعيف ولا نعلم به سلفا، والنبي لما أشار إلى القمر وقال :( هذا الغاسق إذا وقب ) (٣) لم يكن خاسفا إذ ذاك وإنما كان وهو مستنير، ولو كان خاسفا لذكرته عائشة، وإنما قالت : نظر إلى القمر وقال :(هذا هو الغاسق )، ولو كان خاسفا لم يصح أن يحذف ذلك الوصف منه، فإن ما أطلق عليه اسم الغاسق باعتبار صفة لا يجوز أن يطلق عليه بدونها لما فيه من التلبيس.
(٢) البدائع : ٢ /٧٣١ ــ ٧٣٢ ط. ع، و : ٢ / ٢١٨ ط. م.
(٣) تقدم تخريجه.