ومن ذلك : قوله تعالى :( وقال ربكم ادعوني أستحب لكم )، فالدعاء يتضمن النوعين وهو في دعاء العبادة أظهر، ولهذا عقبة بقوله :( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )، الدعاء هو العبادة، فسر الدعاء في الآية بهذا وهذا، وقد روى سفيان عن منصور عن ذر عن يُسيع الكندي عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله يقول على المنبر :( إن الدعاء هو العبادة )، ثم قرأ :( ادعوني أستحب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ) رواه الترمذي (١)، وقال : حديث حسن صحيح.
القاعدة الثانية والعشرون :
لا يجوز أن يحمل كلام الله عز وجل ويفسر بمجرد الاحتمال النحوى الإعرابي الذي يحتمله تركيب الكلام، ويكون الكلام به له معنًى ما (٢).
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :( وهذا أمر ينبغي أن يتفطن له، وهو مقام غلط فيه أكثر المعربين للقرآن، فإنهم يفسرون الآية ويعربونها بما يحتمله تركيب تلك الجملة ويفهم من ذلك التركيب أي معنًى اتفق، وهذا غلط عظيم، يقطع السامع بأن مراد القرآن غيره، وإن احتمل ذلك التركيب هذا المعنى في سياق آخر وكلام آخر، فإنه لا يلزم أن يحتمله القرآن.
مثل قول بعضهم في قراءة من قرأ :( والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) بالجر : أنه قَسَم ؟!
ومثل قول بعضهم في قوله تعالى :( وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام ) : إن المسجد مجرور بالعطف على الضمير المجرور في به ؟!
ومثل قول بعضهم في قوله تعالى :( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما انزل من قبلك والمقيمين الصلاة ) : إن ( المقيمين ) مجرور بواو القسم ؟!
(٢) البدائع : ٣ / ٨٧٦ ــ ٨٧٧ ط. ع، و : ٣ / ٢٧ ـ ٢٨ ط. م.