وذكر عشر صور في الاحتجاج، ثم قال :( والمادة الحق يمكن إبرازها في الصورة المتعددة، وفي أي قالب أفرغت وصورة أبرزت ظهرت صحيحة، وهذا شأن مواد براهين القرآن، في أي صورة أبرزتها ظهرت في غاية الصحة والبيان، والحمد لله المان بالهدى على عباده المؤمنين ) اهـ.
القاعدة الرابعة والعشرون :
الحجة في كتاب الله يراد بها نوعان ؛ أحدهما : الحجة الحق الصحيحة. والثانية : مطلق الاحتجاج بحق أو بباطل (١).
مثال الأولى : قوله :( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه )، وقوله :( قل فلله الحجة البالغة ).
ومثال الثانية : قوله :( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله )، وقوله :( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا ان قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين )، وقوله :( ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه )، وقوله :( والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم ).
والظن أن الحجة في كتاب الله لا ترد إلا في الحجة الصحيحة الحق = جعل أكثر الناس يقولون : إن الاستثناء في قوله :( إلا الذين ظلموا منهم ) منقطع، ووجهه : أن الظالم لا حجة له، فاستثناؤه مما ذكر قبله منقطع، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) : ليس الاستثناء بمنقطع بل هو متصل على بابه، وإنما أوجب لهم أن حكموا بانقطاعه ما ذكرناه من الظن السابق.
وهذا آخر ما أمكن استخراجه من القواعد التفسيرية، من كتاب ( بدائع الفوائد ) للإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ، وليس بآخر ما يمكن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الفهرسة
القاعدة الأولى : لا يجوز تحريف كلام الله انتصارا لقاعدة نحوية.
القاعدة الثانية : ما تقدم من الكلم في اللسان، فتقديمه على حسب تقدم المعاني في الجنان.
(٢) اتظر : الجواب الصحيح : ٣ / ٦٨ ـ ٧٢.