قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :( وهذا الأصل يجب الاعتناء به، لعظم منفعته في كتاب الله وحديث رسوله، إذ لا بد من الوقوف على الحكمة في تقديم ما قدم وتأخير ما أخر، نحو :( السميع والبصير ) و( الظلمات والنور ) و ( الليل والنهار ) و( الجن والإنس ) في الأكثر، وفي بعضها : الإنس والجن، وتقديم ( السماء على الأرض ) في الذكر، وتقديم الأرض عليها في بعض الآي، ونحو :( سميع عليم ) ولم يجيء : عليم سميع، وكذلك :( عزيز حكيم ) و: ( غفور رحيم ) وفي موضع واحد :( الرحيم الغفور ) إلى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر، وليس شيء من ذلك يخلو عن فائدة وحكمة ؛ لأنه كلام الحكيم الخبير ) اهـ.
وتتقدم المعاني بأحد خمسة أشياء :
إما بالزمان.
وإما بالطبع.
وإما بالرتبة.
وإما بالسبب.
وإما بالفضل والكمال.
وربما كان ترتب الألفاظ بحسب الخفة والثقل لا بحسب المعنى كقولهم ربيعة ومضر وكان تقديم مضر أولى من جهة الفضل ولكن آثروا الخفة.
والأمثلة التي ذكرها المؤلف كثيرة، نذكر بعضا منها :
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :( أما ما تقدم بتقدم الزمان ؛ فكعاد وثمود، والظلمات والنور، فإن الظلمة سابقة للنور في المحسوس والمعقول، وتقدمها في المحسوس معلوم بالخبر المنقول، وتقدم الظلمة المعقولة معلوم بضرورة العقل، قال سبحانه :( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) النحل ٧٨، فالجهل ظلمة معقولة وهي متقدمة بالزمان على نور العلم... ).
قال :( ومن هذا الباب تقدم العزيز على الحكيم ؛ لأنه عز فلما عز حكم وربما كان هذا من تقدم السبب على المسبب.