وذكر العلماء أن هذا باب من أبواب بلاغة القرآن العظيمة، وعرّفوه بأنه " إقامة صيغة مقامَ صيغة أخري " لحكمة عظيمة سبقت الإشارة إليها لأن القرآن كلامُ الله عز وجل الحكيم الخبير.
وفي هذا الباب قال السيوطي (٢/١٠٣) :" تحته أنواع كثيرة "، ومنها النوع الوارد هنا في آية الأعراف وهو " تذكير المؤنث علي تأويله بمذَكَّر "، وله نظائر في القرآن الكريم ولغة العرب منها قوله تعالي :" فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّه " (سورة البقرة ٢٧٥).
فذكَّر الفعل علي معني : من جاءه واعظ أي رسول من ربه أو قرآن من ربه، والرسول والقرآن مُذَكَّران.
ومنها قوله تعالي :" فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي " ( سورة الأنعام ٧٨ ) فقال " هذا " ولم يقل "هذه" تأدبا، لأن الإله لا يؤنث. وتأويله في اللغة :" هذا الطالع أو البازغ هو ربي".
وذكر العلامة ابن منظور صاحب لسان العرب أن صيغة " فَعِيل " يوصف به المذكر والمؤنث والواحد والمثني والجمع علي صورة واحدة، وأورد من لغة العرب ما يشهد لذلك، واستدل كذلك بهذه الآية الكريمة موضع البحث :" إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ". فراجع لسان العرب (٢/٤٣٨) و الإتقان للعكبري (١/٢٧٦). والله أعلم.
ــــــــــــــــ
(١) رواه البيهقي والطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه ورجاله ثقات (مجمع الزوائد ٥/٣١٧).
(٢) رواه مسلم في صحيحه (١٩٥٥) عن شداد بن أوس رضي الله عنه.
(١/٢١)
الشبهة الرابعة
قال أعداء الإسلام :
" جاء في سورة الأعراف ٧: ١٦٠ " وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ". وكان يجب أن يُذَكّر العدد ويأتي مفرد المعدود فيقول : اثني عشر سبطا ". ا. هـ.
*** والجواب بتوفيق الله تعالي :
قوله تعالى في سورة الأعراف (١٦٠) :" وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ".