موافق للغة العرب الفصحاء وبلاغتهم، قال الإمام مكي بن أبي طالب في كتاب إعراب القرآن (١/٣٠٣) :" إنما أنث العدد علي تقدير حذف أمَّة، تقديره : اثنتي عشرة أمة، وأسباط بدل من اثنتي عشرة، و" أمما " نعت لأسباط " ا. هـ.
وفي ذلك بلاغة عظيمة لأنه قال :" وقطعناهم " فكأنهم صاروا قطعا متفرقة، ولهذا قدر العلماء محذوفا هو" أمة "، والتفرق يؤدي إلي الضعف، والتأنيث يدل علي الضعف، و التذكير يدل علي القوة، ولهذا أنث العدد، والله أعلم.
ونقل صاحب لسان العرب (٧/٣١٠) عن الأخفش قوله :" أنث لأنه أراد اثنتي عشرة فرقة، وقال قُطْرُب : واحد الأسباط : سِبْط، يقال : هذا سبط، هذه سبط، هؤلاء سبط، وهي الفرقة. وذكر العلماء أن الأسباط في ولد إسحاق عليه السلام كالقبائل في ولد إسماعيل عليه السلام " ا. هـ.
وأورد الإمام الطبري في تفسيره (٩/٨٨) ما يشهد لذلك من لغة العرب وأنهم يؤنثون أحيانا العدد مع أن المعدود مذكر وهذا في الاثنين والعشرة، وأما في الثلاثة إلي التسعة فالعدد يخالف المعدود.
وقال الإمام ابن هشام الأنصاري في كتاب " أوضح المسالك إلي ألفية بن مالك " (٤/٢٥٧) :" أسباط بدل من اثنتي عشرة، والتمييز محذوف تقديره فرقة ". والله أعلم.
(١/٢٢)
الشبهة الخامسة
قال الطاعنون في القرآن الكريم :
" جاء في سورة الحج ٢٢ : ١٩ " هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ". وكان يجب أن يُثني الضمير العائد علي المثني فيقول: خصمان اختصما في ربهما " ا. هـ.
*** والجواب بتوفيق الله تعالي :
قول الله تعالى :" هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ " سورة الحج (١٩).
قال الإمام الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن (٢/٨٦) :
" العرب تسمي الاثنين جَمْعَاً كقوله تعالى :" هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ " ا. هـ.