" فإنني "، كأنه قال : أيّا تفعل أبْغضك وأزْدَدِ، قالا : وهو مثل معني قراءة من قرأ :" فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ " علي الجزم " ا. هـ بمعناه.
وذكر القرطبي في تفسيره (١٨/١٣١) : أن سبب عدم جزم فأصدق هو اقتران الفاء بالفعل. وبيّن مكي بن أبي طالب في إعراب القرآن (٢/٧٣٧) السبب في نصب " فأصدق " فقال :"والنصب علي إضمار أنْ " ا. هـ. و" أنْ " المخففة من نواصب الفعل المضارع كما هو معلوم.
وقال أيضا (١/٣٩١) : جزم " وأكن " حمله علي معني فأصدق لأنه بمعني أصَّدّق مجزوما لأنه جواب التمني. ا. هـ.
وقال الزمخشري في المفصَّل في صنعة الإعراب (ص٣٣٦) :" سأل سيبويه الخليلَ عن قوله تعالي: " رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ منَ الصَّالِحِينَ "، فقال الخليل : هذا كقول عمرو بن معدي كرب :
دعني فأذهب جانباً * يوما وأكفك جانباً
وكقوله :
بدا لي أني لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان جائيا
أي كما جزموا الثاني لأن الأول قد تدخله الفاء فكأنها ثابتة فيه، فكذلك جزموا الثاني لأن الأول يكون مجزوما ولا فاء فيه فكأنه مجزوم. ا. هـ.
و ذكر ابن هشام في " مغني اللبيب عن كتب الأعاريب " (ص ٥٥٣، ص ٦٢٠) بيتا للهذلي وقع فيه مثل ذلك. وكذلك ذكر ابن جني في الخصائص (٢/٤٢٤) أمثلة لذلك من لغة العرب.
والقرآن الكريم نزل بلغة العرب، وقد أعجزهم ببيانه وتحداهم بفصاحته فلم يحيروا جواباً، والجاهل بالقرآن جاهل بلغة العرب، والله أعلم وأحكم.
ـــــــــــــــ
(١) الإتقان (١/٥٨١).
(١/٢٥)
الشبهة الثامنة
قال أعداء القرآن الكريم :
" جاء في سورة البقرة ٢: ١٧ " مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ". وكان يجب أن يجعل الضمير العائد علي المفرد مفردا، فيقول : استوقد... ذهب الله بنوره..." ا. هـ.
*** والجواب بتوفيق الله تعالي :


الصفحة التالية
Icon