وأبدي الإمامُ الزركشيُّ في كتابه البرهان (١/١٢٨) وجها آخر لورود :" مَعْدُودَةً " في آية البقرة، فراجعه إن شئت تزدد إيمانا بإعجاز القرآن ؛ الذي لاتنقضي عجائبه، ولا يَخْلَقُ على كثرة الردّ، والله أعلى وأعلم.
(١/٢٩)
الشبهة الثانية عشرة
قال المبطِلُون :
" جاء في سورة البقرة ٢ : ١٨٣ - ١٨٤ " كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ". وكان يجب أن يجمعها جمع كثرة حيث أن المراد جمع كثرة عدته ٣٠ يوما فيقول أياما معدودة.... " ا. هـ.
*** والجواب بتوفيق الله تعالي :
قول الله تبارك وتعالى :" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ " سورة البقرة ( ١٨٣ - ١٨٤ ).
قال العلماء :" العرب تضع جمع القلة موضع جمع الكثرة لحكمة " (١).
قال سيبويه إمام النحاة :" وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير " ا. هـ
ولذلك شواهد في كلام العرب الفصحاء.
قال الإمام الزركشي في البرهان ( ٣/٣٥٥ ) :" الجموع يقع بعضها موقع بعض لاشتراكها في مطلق الجمعية كقوله تعالي :" وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ "(سورة سبأ ٣٧)، وغُرَف الجنة لا تحصي". ثم قال (٣/٣٥٧ ): " ومن شواهد مجيء جمع القلة مرادا به الكثرة قول حسان رضي الله عنه :
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى * وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وحكي أن النابغة قال لحسان : قد قللتَ جفانك وأسيافك.
وطعن ( أبو علي ) الفارسي في هذه الحكاية لوجود وضع جمع القلة موضع الكثرة - فيما له جمع كثرة وفيما لا جمع له كثرة - في كلام العرب ".


الصفحة التالية
Icon