و قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره (١٩/١٢٣) :" من صَرَف فله أربع حجج :(أحدها) أن الجموع أشبهت الآحاد فجمعت جمع الآحاد فجعلت في حكم الآحاد فصرفت. (الثانية) أن الأخفش حكي عن العرب صرف جميع مالا ينصرف إلا أفعل منك، وكذا قال الكسائي والفراء : هو علي لغة من يجر الأسماء كلها إلا قولهم : هو أظرف منك، فإنهم لا يجرونه، وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول عمرو بن كلثوم :
كأن سيوفنا فينا وفيهم * مخاريقٌ بأيدي لاعبينا
وقال لبيد :
وجزورُ أيسار دعوت لحتفها * بمغالقٍ متشابه أجسامُها
وقال لبيد أيضا :
فضلا وذو كرم يعن علي الندي * سَمْح كسوبُ رغائبٍ غَنَّامُهَا
فصرف : مخاريق ومغالق ورغائب، وسبيلها أن لا تصرف.
و (الحجة الثالثة) أن تقول : تؤنث قوارير الأول لأنه رأس آية، ورؤوس الآي جاءت بالنون كقوله عز وجل :" مذكوراً "، " سميعاً بصيراً "، فنون الأول ليوافق بين رؤوس الآي، ونوّن الثاني علي الجوار للأول.
و ( الحجة الرابعة ) اتباع المصاحف، وذلك لأنها جميعا في مصاحف مكة والمدينة والكوفة بالألف ". ا. هـ.
وقال الزركشي في البرهان (١/٦٦) :" قوله تعالي :" قوارير قواريرا "، صرف الأول لأنه آخر الآية وآخر الثاني بالألف فحسن جعله منونا ليقلب تنوينه ألفا فيتناسب مع بقية الآية كقوله تعالي :" سلاسلاً وأغلالاً " فإن سلاسلاً لما نظم إلي " أغلالاً وسعيراً " صرف ونون للتناسب، وبقي قوارير الثاني فإنه وإن لم يكن آخر الآية جاز صرفه، لأنه لما نَوَّن قواريرا الأول ناسب أن ينون قواريرا الثاني ليتناسبا، ولأجل هذا لم ينون قواريرا الثاني إلا من ينون قواريرا الأول، ثم قال :"وإنما صرف للتناسب واجتماعه مع غيره من المنصرفات فَيُردّ إلي الأصل ليتناسب معها " ا. هـ. وذكر كلاما بديعا في مراعاة التناسب في القرآن فليراجعه من شاء (١)، والله الموفق، لا رب سواه، ولا إله غيره.
ـــــــــــــ


الصفحة التالية
Icon