ومما ذكر في توجيهه أيضا أنهم وقت الركوب حضروا لأنهم خافوا الهلاك وغلبة الرياح فخاطبهم خطاب الحاضرين، ثم لما جرت الرياح بما تشتهي السفن وأمنوا الهلاك لم يبق حضورهم كما كان، علي عادة الإنسان أنه إذا أمن غاب قلبه عن ربه فلما غابوا ذكرهم الله بصيغة الغيبة " ا. هـ كلام السيوطي رحمه الله تعالى. والله أعلم.
(١/٤١)
الشبهة الرابعة و العشرون
قال الظالمون :
" جاء في سورة التوبة ٩ : ٦٢ " وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ". فلماذا لم يثن الضمير العائد علي الاثنين، اسم الجلالة ورسوله، فيقول أن يرضوهما ؟ " ا. هـ.
*** والجواب بتوفيق الله تعالي :
قول الله تعالى :" وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ " ( سورة التوبة ٦٢ ). قال السيوطي في الإتقان (١/٥٤٩) :" قد يُذْكَرُ شيئان ويعادُ الضمير إلي أحدهما، والغالب كونه الثاني نحو :" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ " ( سورة البقرة ٤٥ ) فأعيد الضمير للصلاة، وقوله تعالي :" جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ " (سورة يونس ٥ ) أي قدَّر القمر منازل لأنه الذي يُعْلَمُ به الشهور، وقوله تعالي :" وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ " أراد يرضوهما فأفرد لأن الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو داعي العباد والمُخَاطِبُ لهم شفاها، ويلزم من رضاه رضا ربِّه تعالي " ا. هـ بنحوه.


الصفحة التالية
Icon