وقال الزركشي في البرهان (٣/١٢٧ - ١٢٨) :" قيل إنما أفرد الضمير لئلا يجمع بين اسم الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ضمير واحد كما جاء في الحديث :" بئس خطيب القوم أنتَ، قل : ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورسولَهُ " ( ١ ). قال الزمخشري :" قد يقصدون ذكر الشيء فيذكرون قبله ما هو سبب منه ثم يعطفونه عليه مضافا إلي ضميره وليس لهم قصد إلي الأول، كقوله :" سَرَّنِي زيد وحسن حاله " والمراد حسن حاله، وفائدة هذا الدلالة علي قوة الاختصاص بذكر المعني : ورسول الله أحق أن يرضوه، ويَدُلُّ عليه ما تقدمه من قوله :" الذين يؤذون رسول الله "، ولهذا وَحَّدَ الضمير ولم يُثَنِّ. ا. هـ.
وذكر السيوطي في الإتقان (٢/١٠٣-١٠٤) : من أساليب القرآن الكريم إقامة صيغة مقام أخري، قال :" وتحته أنواع كثيرة ". فذكر منها إطلاق واحد من المفرد والمثني والجمع علي آخر منها، مثال إطلاق المفرد علي المثني :" وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إن كانوا مؤمنين " أي يرضوهما، فأفرد لتلازم الرضَاْءَيْنِ " ا. هـ.
وقال الطبري في تفسيره (١١/٨٦) :" اكتفي بذكر أحدهما عن الآخر كما قال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريًّا ومن فوق الطوي رماني " ا. هـ.
ومنه قوله تعالي :" وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ " ( سورة التوبة ٣٤ )، وقوله :" وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا " (سورة الجمعة ١١ )، وقوله تعالي :" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ " ( سورة البقرة ٤٥ ).


الصفحة التالية
Icon