قوله تعالى :" فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا " ( سورة التحريم ٤ ).
قال القرطبي رحمه الله تعالي (٦/١٧٣ - ١٧٤) :" قال الخليل بن أحمد والفَرَّاء : كل شيء يوجد مِنْ خَلْق الإنسان إذا أضيف إلي اثنين جمع، تقول : هشمت رؤسَهُما، وأشبعت بطونهما، وقال الله تعالي :" إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا "، ولهذا قال :" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا " (سورة المائدة ٣٨ ) ولم يقل يَدَيْهِما " ا. هـ.
وبين الحكمة من ذلك فقال (١٨/١٨٨) :" قيل : كلما ثبتت الإضافة فيه مع التثنية فلفظ الجمع أليق به لأنه أمكن وأخف " ا. هـ.
قلت : وورد لذلك نظائر كثيرة في القرآن الكريم ولغة العرب :
قال السيوطي في الإتقان (٢/١٠٥) :" مِنْ إطلاق الجمع علي المثني :" قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ " (سورة فصلت ١١ )، وقال :" قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ " ( سورة ص ٢٢ )، وقال :" فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ " (سورة النساء ١١ ) أي أَخَوَان، وقال سبحانه :" وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ " ( سورة الأنبياء ٧٨ )". ا. هـ (١)
وقال الإمام أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن (٣/١١) :" قال زيد بن ثابت : إن العرب تسمي الأَخَوَين إخوة " ا. هـ
وقال الإمام الشوكاني في فتح القدير (٥/٢٥٠) : قال :" قلوبكما " ولم يقل :" قلباكما "، لأن العرب تستكره الجمع بين تَثْنِيَتَيْنِ في لفظٍ واحدٍ ". ا. هـ، والله أعلم.
ـــــــــــــــ
(١) وانظر تفسير الطبري (٤/٢٧٩) وروح المعاني (٨/٩٩).
(١/٤٣)

___ فصل _______________
الرد علي شبهتهم حول الحديث الشريف المتعلق برَضَاع الكبير


الصفحة التالية
Icon