وكما هو معلوم فإن اليهود والنصارى لم ينشروا التوحيد في جزيرة العرب قبل بعثة النبي ﷺ إلا قليلاً، فكانت القبائل العربية تعبد الأصنام والأوثان تريد منهم التقرب إلى الله وتريد شفاعتهم عنده. وكادت الأصنام أن تكون في كل قبيلة وحتى في كل بيت.
وقد مُلئ المسجد الحرام بالأصنام، ولما فتح رسول الله ﷺ مكة وجد حول البيت ثلاثمائة وستين صنما، فجعل يطعنها حتى تساقطت، ثم أمر بها فأخرجت من المسجد وحرقت(١). وبعث رسول الله ﷺ سراياه إلى الأوثان التي كانت حول مكة، فكسرت كلها ومنها اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، ونادى مناديه بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدع في بيته صنماً إلا كسره(٢).
ولكن ريزفان جهل هذه الحقائق المعلومة لكل من اطلع على المراجع الإسلامية، والأحرى أنه تجاهلها، ولا يبقى لنا إلا أن نتعجب من هذا الباحث المدعي أن أقواله مبنية على الآيات القرآنية المحكمة.
ومن مزاعمه أن القرآن يعكس تطور تصورات العرب حول خلق الإنسان من تراب. ويشير ريزفان إلى الأساطير القديمة عن خلق الإنسان من عرق الثرى، فيقارن بينها وبين قوله تعالى: ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ؟ ؟ ژ إلى قوله: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ژ [الحج: ٥ ]. ويدَّعي أن الرسول ﷺ طور هذه الأفكار، فإن خلق الإنسان من الطين (الأنعام، ٢) ومن صلصال من حمإ مسنون (الحجر، ٢٦) لم يذكر في الشعر الجاهلي.

(١) صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، ص ٣٥.
(٢) ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد ٣/٣٦٤.


الصفحة التالية
Icon