ويعير ريزفان اهتماماً خاصاً بفكرة تجسيد النفس في الحجر، فيقول: إن كلمة النفس قد استعملها أهل اليمن والأنباط بمعنى ((حجر القبر))، وذلك لأن القبور تذكر الأموات أي نفوسهم(١). وحسب قوله فإن العرب كانوا يعتقدون أن الإنسان قد يتحول إلى حجر بارتكاب الجرائم، وأن العرب اتخذت بعض الأحجار آلهة بهذا السبب. ثم يزعم أن تلك التصورات كانت تؤثر في النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء تعظيمه للحجر الأسود واعتقاده أن الناس والحجارة وقود للنار. وفي هذا الصدد يشير ريزفان إلى قوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ژ [البقرة: ٢٤ ]؛ وقوله: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ں ں ؟ ؟؟ ژ [البقرة: ٧٤ ]؛ وقوله ژ ؟ ؟ ؟ ؟ پ ژ [الإسراء: ٥٠].
أما أدلته من الروايات، فمنها قصة إساف ونائلة، التي رواها ابن هشام: قال ابن إسحاق: ((اتخذوا إسافا ونائلة على موضع زمزم ينحرون عندهما وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم - هو إساف بن بغي ونائلة بنت ديك - فوقع إساف على نائلة في الكعبة، فمسخهما الله حجرين)).
ومنها قصة أجأ وسلمى، وقد ذكر العلماء بأخبار العرب أن أجأ بن عبد الحي كان رجلا من العماليق عشق امرأة من قومه يقال لها سلمى، وكانت لهما حاضنة يقال لها العوجاء، وكانا يجتمعان في منزلها حتي وجدهما زوجها وإخوتها، فهربت سلمى هي وأجأ والعوجاء، وتبعهم زوجها وإخوتها فلحقوا بسلمى على جبل فقتلوها فسمي الجبل باسمها سلمى فيما بعد، ولحقوا بأجا بالجبل الآخر القريب منه فقتلوه وسموا الجبل باسمه أجا، وأما العوجاء فلحقوا بها على هضبة بين الجبلين فقتلوها فسمي مكان الهضبة باسمها.

(١) لست على ثقة من هذا الخبر، ولا أعرف هذا المعنى لكلمة النفس، وإن صح فلا دليل فيه على قول المستشرق ريزفان بأن بعض العقائد الإسلامية المأخوذة من القرآن الكريم نشأت عن معتقدات العرب في الجاهلية.


الصفحة التالية
Icon