وقال الحافظ ابن كثير: ((وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال: فمنهم من رخص في ذلك محتجاً بحديث(١) ((قوموا إلى سيدكم)) ومنهم من منع من ذلك محتجاً بحديث (٢) ((من أحب أن يمثل له عباد الله قياماً فليتبوأ مقعده من النار)) ومنهم من فصّل فقال يجوز عند القدوم من سفر وللحاكم في محل ولايته، كما دل عليه قصة سعد بن معاذ، فإنه لما استقدمه النبي حاكماً في بني قريظة فرآه مقبلاً قال للمسلمين ((قوموا إلى سيدكم)) وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه والله أعلم. فأما اتخاذه ديدناً فإنه من شعار العجم، وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا جاء لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك))(٣).
ثانياً: يزعم ريزفان أن الصحابة أمروا بالتصدق على النبي ﷺ بين يدي مناجاته بقوله تعالى: ژ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ پ پ پ پ ؟ ؟؟ ژ [المجادلة: ١٢ ](٤).
وهذا تأويل باطل فإن المسلمين لم يؤمروا بالتصدق على النبي صلى الله عليه وسلم، بل حرَّم الله تعالى الصدقة عليه وعلى آله. فعن أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ ارم بها أما علمت أنّا لا نأكل الصدقة(٥).

(١) رواه البخاري في صحيحه ٧/٤١١ مع الفتح، كتاب المغازي، برقم ٤١٢١، ومسلم في صحيحه ٣/١٣٨٨-١٣٨٩، كتاب الجهاد والسير، برقم ١٧٦٨.
(٢) أخرجه الإمام أحمد: (٤/٩١) وهو حديث صحيح، انظر صحيح الجامع للألباني: (رقم ٥٩٥٧).
(٣) رواه الترمذي: (٥/٩٠ رقم ٢٧٥٤) وقال: ((حديث حسن صحيح…)).
(٤) ريزفان، القرآن وعالمه، ص ١٥٨.
(٥) متفق عليه. وفي رواية لمسلم: إنا لا يحل لنا الصدقة.


الصفحة التالية
Icon