وعن سعيد بن جبير قال: لما نزلت هذه الآية: ژ ھ ے ے ژ [النجم: ١٩]، قرأها رسول الله ﷺ فقال: ((تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى))، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: إنه لم يذكر آلهتكم قبل اليوم بخير، فسجد المشركون معه، فأنزل الله: ژ ژ ژ ڑ ڑ ژ [الحج: ٥٢ ] إلى قوله: ژ ؟ ؟ ؟ ژ [الحج: ٥٥ ] (١).
وقال الشيخ الألباني في كتابه ((نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)): إن روايات القصة كلها مُعَلَّة بالإرسال والضّعف والجَهالة، فليس فيها ما يصلُح للاحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير. ثم قال: إن مما يؤكد ضَعفها بل بطلانها، ما فيها من الاختلاف والنَّكارة مما لا يليق بمقام النبوة والرسالة، وإليك البيان:
أولاً: في الروايات كلها، أو جُلها، أن الشيطان تكلم على لسان النبي ﷺ بتلك الجملة الباطلة التي تمدح أصنام المشركين: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى.
ثانياً: وفي بعضها: والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاء به عن ربهم ولا يتهمونه على خطأ أو وهم. ففي هذا أن المؤمنين سمعوا ذلك منه صلى الله عليه وسلم، ولم يشعروا بأنه من إلقاء الشيطان، بل اعتقدوا أنه من وحي الرحمن!! بينما تقول رواية أخرى: ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان. فهذه خلاف تلك.
ثالثاً: وفي بعضها: أن النبي ﷺ بقي مدة لا يدري أن ذلك من الشيطان، حتى قال له جبريل: معاذ الله! لم آتك بهذا، هذا من الشيطان!!
رابعاً: وفي رواية أنه ﷺ سها حتى قال ذلك! فلو كان كذلك، أفلا ينتبه من سهوه؟!
خامساً: في رواية: أن ذلك ألقيَ عليه وهو يصلي!!

(١) أخرجه ابن جرير (١٧/١٢٠) من طريقين عن شعبة عن أبي بشر عنه، وهو صحيح الإسناد إلى ابن جبير، كما قال الحافظ. ذكره الألباني في كتابه «نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق».


الصفحة التالية
Icon