ولكن المستشرق الروسي لا يرضى بهذه الأدلة فيزعم أن ((مواعظ النبي ﷺ تطورت أثناء مناظراته مع اليهود والنصارى وتشبعت بأفكاره الدينية والفلسفية وبعض التصورات التي تعود إلى المجوسية وتعاليم ماني. وبسبب ذلك كانت العقائد القرآنية تتطور على مدى سِني الدعوة المحمدية، وتغيرت تصوراته، وبخاصة عن طبيعة رسالته والوحي الذي نزل إليه. وكانت النظرة القرآنية لعالَم الغيب تتشكل بصورة تدريجية أيضا))(١).
ولا يذكر ريزفان الأدلة على صحة فرضيته؛ بل يعترف بأنه لا يمكن استكشاف موارد القرآن الدينية. ومع ذلك فإنه يعرض عن النصوص الدالة على أن القرآن هو كتاب الله مصدق لما بين يديه، وأنه يشتمل على بعض معاني الكتب السابقة.
وعن واثلة أن رسول الله ﷺ قال: ((أعطيت مكان التوراة السبع الطوال وأعطيت مكان الزبور المئين، و أعطيت مكان الإنجيل المثاني و فضلت بالمفصل))(٢).
وقال عبد الله محمد الأمين النعيم: ((إن خطأ المستشرقين الأساسي يتمثل في نظرتهم القاصرة المحدودة في دراسة الأديان، فهم يدرسونها كديانات منفصل بعضها عن بعض لا يربط بينها رابط. وهذا في حد ذاته من الأخطاء المنهجية، ذلك لأن جميع الأديان السماوية تتلاقى في الكثير من تعاليمها، لا سيما في قضية التوحيد. فتاريخ الإيمان تاريخ واحد))(٣).

(١) ريزفان، القرآن وعالمه، ص ٤٢.
(٢) رواه الطبراني والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١٠٥٩).
(٣) عبد الله محمد الأمين النعيم. الاستشراق في السيرة النبوية. دراسة تاريخية لآراء وات وبروكلمان وفلهاوزن مقارنة بالرؤية الإسلامية، ص. ١٧٩


الصفحة التالية
Icon