ولعل المؤلف تأثر بقصة تدوين كتب اليهود والنصارى التي تشكلت في خلال عدة مجامع عالمية، وتجاهل أن عملية إصدار الكتاب المقدس الذي يدعيه تتم بواسطة مؤتمر ذي أهمية كبرى والذي لا يغيب عن الناس ولا سيما عن الأعداء. فلو قام نفر من العلماء والحكام بتحريف نصوص القرآن عن طريق تشكيل الكلمات وتنقيط الحروف لسجله المؤرخون من المسلمين وغيرهم. ولكن ريزفان لا يستطيع - ولن يستطيع - الإشارة إلى حادثٍ مثل هذا، لا من مصادر إسلامية ولا من مصادر يونانية أو فارسية أو هندية، فقوله باطل عقلا ونقلا.
كما يخطئ المستشرق الروسي في قوله: إن المسلمين أبوا ضبط نصوص القرآن، فمن المعلوم أن الرسول ﷺ لم يجمع الآيات في كتاب واحد. قال الحافظ في الفتح: ((وقال الخطابي وغيره يحتمل أن يكون ﷺ إنما لم يجمع القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ﷺ ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك وفاء لوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية زادها الله شرفا، فكان ابتداء ذلك على يد الصدِّيق رضي الله عنه بمشورة عمر ويؤيده ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بإسناد حسن عن عبد خير قال سمعت عليا يقول أعظم الناس في المصاحف أجراً أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر هو أول مَنْ جمع كتاب الله))(١).

(١) ابن حجر، فتح الباري ٩/١٧.


الصفحة التالية
Icon