ويزعم ريزفان أن أقدم المصاحف لم تحرق في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولكن في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع. وبهذا يفسر المستشرق الروسي كون كثير من تلك النسخ يعود إلى هذه الفترة.(١) كما يزعم أن الأحداث السياسية في منتصف القرن الثامن الميلادي من استيلاء العباسيين على الحكم في الخلافة والضرورات الدينية والاجتماعية المتعلقة بتمييز الأمة نفسها أدت إلى إزاحة طريقة نسخ المصاحف الشامية؛ فإن الشاميين كانوا يكتبون القرآن على الأوراق الشاقولية بالخط الحجازي، والكوفيون كتبوه على الأوراق الأفقية بالخط الكوفي.(٢) ويعلق المستشرق هذه الحادثة بكون كتب النصارى مكتوبة على الصحف الشاقولية، وكون كتب اليهود لفائف. وكانت المصاحف المكتوبة بالطريقة الكوفية تؤكد تمييز القرآن عن كتب اليهود والنصارى في عهد الفتوحات وتكوين الفقه الإسلامي.(٣)
ومن المخطوطات القديمة التي يشير إليها ريزفان قصاصات من المخازن في صنعاء والقاهرة ودمشق ومشهد والقيروان. وقد ركز المستشرق الروسي انتباهه على المخطوطات القرآنية التي عثر عليها بالجامع الكبير بصنعاء سنة ١٩٦٥م وسنة ١٩٧٢م. ومن المعلوم أن حكومة اليمن طلبت من مثيلتها الألمانية المساعدة في ترميم القصاصات وصيانتها، ووافقت ألمانيا عام ١٩٧٩م على تنفيذ مشروع مشترك لترميم وتوثيق هذه المخطوطات. وفي بداية الثمانينات دعا مدير إدارة الآثار في اليمن، القاضي إسماعيل الأكوع خبيرين ألمانيين هما الدكتور جيرد بوين وغراف فون بوتمر لترميم المخطوطات القرآنية، وامتد تنفيذ هذا المشروع من عام ١٩٨٣م إلى عام ١٩٩٦م.

(١) المصدر نفسه، ص ٢٢٧.
(٢) المصدر نفسه، ص ٢٢٧.
(٣) المصدر نفسه، ص ١٩١.


الصفحة التالية
Icon