وقال الأستاذ الدكتور محمد مهر علي: ((إن وجود سورة أو جزء منها وسورة أخرى أو جزء منها بترتيب مخالف للترتيب القرآني على ورقة واحدة لا يدل على وجود نسخة للقرآن بترتيب مختلف، لأنه كان من عادة المسلمين من البداية - ولا يزال - جمع سور مختارة في مؤلف صغير، وذلك للتحفيظ أو الدراسة أو التدريس في مختلف المراحل التعليمية، ومن الطبيعي أنه قبل ظهور فن الطباعة كان هذا النوع من المجموعات يعد عن طريق النسخ. فليس غريباً أن توجد مخطوطات فيها سور باختلاف الترتيب القرآني، خصوصاً تلك التي توجد في المساجد التي كانت بلا استثناء مدارس للتعليم. وحتى وجود نسخة كاملة للقرآن بترتيب مختلف للسور لا يدل البتة على أن قرآناً مختلفاً كان بأيدي المسلمين في وقت ما، إلا إذا ثبت أن ذلك كان مقبولاً ومعمولا بها لديهم، وذلك نظرا لما يقوم به بعض الناس من حين إلى آخر لنشر القرآن بترتيب السور حسب أوقات أو ترتيب نزولها))(١).
وزعم ريزفان أن التاريخ الحقيقي لضبط القرآن المبني على دراسة المخطوطات القديمة يختلف عن التاريخ المحفوظ بشكل واضح، ولا يمكن تصويب تاريخ ضبط النص الرسمي للقرآن إلا عن طريق دراسة المخطوطات(٢).
ويدل كلام المستعرب الروسي على أن هناك اختلافات بين بعض مخطوطات صنعاء والمصاحف التي بين أيدينا، والتي لا تتعدى أنواع الخطوط وتنقيط الأحرف، وطريقة تشكيل الكلمات. وليس هناك دليل على أن أياً من المخطوطات التي عُثر عليها بالجامع الكبير بصنعاء، يرجع إلى مرحلة تسبق مصحف عثمان أو تحتوي على الأحرف التي أمر بتركها. ويرجح أن وصول النماذج القديمة من الرقوق القرآنية إلى صنعاء كان من مكة أو المدينة، ولعل بعضها وصل إلى اليمن في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك قبل نهاية القرن الأول للهجرة، وهو الذي أمر بتوسعة هذا المسجد.

(١) المصدر نفسه.
(٢) ريزفان، القرآن وعالمه، ، ص ١٩٩.


الصفحة التالية
Icon