قد علمنا مما تقدم أن كتاب ((القرآن وعالمه)) يعد أتم مؤلف في الدراسات القرآنية في روسيا. فإنه ليس يُبحث فيه عن إنجازات ومناهج العلماء السوفيت والروس الباحثين عن الإسلام فحسب، بل ويبحث فيه عن النواحي الأساسية للاستشراق الغربي. وإن كان ريزفان يسمي نفسه باحثا منصفاً، فإن كثيراً من استنباطاته بعيدة كل البعد عن الإنصاف والعلمية مما هو خاص بالاستشراق الروسي على نحو عام. وتحدثت عن الطرق المستعملة من قبل المستشرق في استنباطاته وموقفه الخاطئ من الإسلام والقرآن. وإن موقفه من نشأة الإسلام ومحاولاته الكشف عن مقدماته الاجتماعية والتأريخية قد أدت إلى كون بعض وسائل ريزفان محاربةً للإسلام.
وفي الوقت نفسه لا يُظهر المؤلف كراهيته للإسلام علانيةً، ولكنه ينقد المعتقدات الإسلامية خفية، مظهرا استنتاجاته بالصيغة العلمية. ويمكن تفسير ذلك بموقف ريزفان نفسه من الموضوع من جهة، ومن جهة أخرى فإن إظهار الاحترام للشعوب الإسلامية وتاريخها وحضارتها يعد ميزة خاصة للعلماء الروس الباحثين عن الإسلام في الفترة المتأخرة، لكون الإسلام جزءاً لا انفصال له عن تاريخ روسيا وحضارتها. وليس الإسلام في الوقت الحاضر موضوعا للعلم الأكاديمي فحسب، بل هو عامل مهم في الحياة الاجتماعية السياسية، ولهذا يضطر المستشرقون لأخذ ذلك بعين الاعتبار.


الصفحة التالية
Icon