ولا يعطي كتاب ريزفان تصورا كاملا عن الإسلام والقرآن، لأن بحوثه إنما تتعلق فقط ببعض النواحي اللغوية والتاريخية للقرآن. ولا يكاد يذكر في الكتاب أسماء المفسرين الأفذاذ، ولا يذكر فيها الأحاديث الصحيحة إلا نادراً ومع ذلك يشكك المؤلف في صحتها. ويتعلق هذا بدرجة كبيرة بعدم إرادة المؤلف الاعتماد على آراء علماء الإسلام، وبالأهداف التي سعى من ورائها عند كتابة مؤلَّفه. ولعل الفقرة الوحيدة التي تحتوي على معلومات مناسبة هي الفقرة الخاصة بتاريخ جمع القرآن. وسبب ذلك أن المستشرق يقدّم تاريخ تطور كتابة نص القرآن كتاريخ تطور نص القرآن نفسه، مشيراً إلى الخلاف الموجود بين القراء.
ثم إن كتاب ((القرآن وعالمه)) موجَّه إلى الدائرة المحدودة من الاختصاصيين المشتغلين بالبحوث الإسلامية. ولا يستطيع هذا الكتاب سدَّ حاجة جماهير القراء الروس والتأثير في وعيهم الاجتماعي. ومن الواضح أن المؤلف والناشرين قد أدركوا ذلك مما أدى إلى طباعة عدد محدود من نسخ الكتاب المذكور.
ومع ذلك يملأ كتاب ريزفان الفراغ في المعلومات عن علوم القرآن باللغة الروسية. وقد صُنّفت إلى الآن تصانيف قليلة في هذا الموضوع. وقد أشرنا من قبل أنه يمكن اعتبار كتاب ((الطريق إلى القرآن)) وترجمة كتاب «الإتقان في علوم القرآن» من أنفع المؤلفات في دراسة القرآن الكريم في روسيا. وتشتمل باقي المؤلفات على خصائص استعراضية وتحتوي على معلومات سطحية عن القرآن وعلومه.
وفي الوقت الحاضر تعيش الدراسات الإسلامية في روسيا مرحلة تطور نشيطة. ولا يفسر ذلك بسبب وجود حوالي ٢٠ مليون مسلم في روسيا فحسب، بل بسبب ازدياد تأثير العامل الإسلامي في السياسة العالمية. وبخصوص ذلك فقد استُجلبت مراكز روسيا الاستشرقية لترتيب الموسوعات الإسلامية وترجمة كتب علماء الإسلام إلى اللغة الروسية ووضع البرامج المنهجية في تاريخ الشعوب الإسلامية وحضارتها، إلخ.


الصفحة التالية
Icon