وقد كان زيد بن ثابت ؟ جديرًا بِهذه الثقة، ويدل على ذلك قوله لَمَّا أمره أبو بكر بجمع القرآن: فَوَاللهِ! لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ.(٦)
قال ابن حجر: وإنَّما قال زيد بن ثابت ذلك لِما خَشِيَهُ من التقصير في إحصاء ما أُمِر بجمعه، لكن الله تعالى يسر له ذلك، كما قال تعالى: } ولقد يسرنا القرآن للذكر{.(٧)
وشرع زيد بن ثابت يَجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وعاونه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة.(٨)
فقد شارك في العمل في هذا الجمع عدد من كبار الصحابة، منهم عمر بن الخطاب وأُبَيُّ بن كعب، وغيرهما.
فعن عروة بن الزبير قال: لَمَّا استحرَّ القتل بالقراء يومئذٍ، فَرِق أبو بكرٍ على القرآن أن يضيعَ، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه.(٩)
وعن أبي العالية عن أُبَيِّ بن كعب أنَّهم جَمعوا القرآن في مصحفٍ في خلافة أبي بكرٍ، فكان رجالٌ يكتبون، ويُملي عليهم أُبَيُّ بن كعبٍ....(١٠)
وبِهذه المشاركة أخذ هذا الجمع الصفة الإجْماعية، فقد اتفق عليه الصحابة ؟، وتعاونوا على إتْمامه على أكمل وجه.
(١) سبق تخريجه قريبًا.
(٢) رواه البخاري في كتاب المناقب باب مناقب زيد بن ثابت ح ٣٨١٠. صحيح البخاري مع فتح الباري (٧/١٥٩)، وفي فضائل القرآن باب القراء من أصحاب النبي ؟ ح ٥٠٠٤ (٨/٦٦٣)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بن كعب. انظر صحيح مسلم مع شرح النووي (١٦/١٩) ح ٢٤٦٥.
(٣) وانظر في ذلك أيضًا: مقدمة كتاب المباني ص ٢٥، الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها ص ٢٧١.
(٤) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ٣٦٩.
(٥) في مبحث العرضة الأخيرة للقرآن الكريم، وهو المبحث الثاني من الفصل الرابع من الباب الأول.
(٦) سبق تخريجه قريبًا.