أما الأثر الوارد عن عمر بن الخطاب، فلا مدخل له هنا، إذ عمر قد مات قبل أن تكتب المصاحف في عهد عثمان ؟.
وأما الأثر الوارد عن عثمان، فإنه منقطعٌ؛ لأن أبا المليح لم يلق عثمان،(١٧) كما أن فيه نَكارةٌ، لأنه مخالف للواقع، فليس فيمن ورد تسميتهم في الروايات أحدٌ من ثَقِيفٍ أو هُذَيْلٍ، بل كلهم إما قُرَشِيٌّ، وإمَّا أنصاريٌّ.(١٨)
ومِمَّن ورد تسميتهم أيضًا فيمن شارك في هذا الجمع بالكتابة أو الإملاء:
عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبان بن سعيد بن العاص.(١٩)
وأبان بن سعيد بن العاص، هو عمُّ سعيد بن العاص - أحد الأربعة الذين اختيروا للجمع، وقد ورد أنه شارك في هذا الجمع:
فعن عُمارة بن غَزِيَّة عن ابن شهابٍ عن خارجة بن زيدٍ عن زيد بن ثابت أنَّهُ قَالَ: فَأَمَرَنِي عُثْمَانُ أَنْ أَكْتُبَ لَهُ مُصْحَفًا. وَقَالَ إنِّي جَاعِلٌ مَعَك رَجُلاً لَبِيبًا فَصِيحًا، فَمَا اجْتَمَعْتُمَا عَلَيْهِ فَاكْتُبَاهُ، وَمَا اخْتَلَفْتُمَا فِيهِ فَارْفَعَاهُ إلَيَّ، فَجَعَلَ مَعَهُ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ.(٢٠)
وأبان بن سعيد بن العاص قتل في سنة اثنتي عشرة يوم أجنادين، قبل وفاة أبي بكر بقليل، أو سنة أربع عشرة يوم مرْج الصُّفْر، في صدر خلافة عمر، وقيل إنه توفي سنة تسع وعشرين، والأول قول أكثر أهل النسب.(٢١)
قال الحافظ: ووقع في رواية عُمارة بن غَزِيَّة "أبان بن سعيد بن العاص" بدل "سعيد"، قال الخطيب: ووهِم عُمارة في ذلك؛ لأن أبان قُتِل بالشام في خلافة عمر، ولا مدخل له في هذه القصة، والذي أقامه عثمان في ذلك هو سعيد بن العاص - ابن أخي أبان المذكور اهـ.(٢٢)
(١) رواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف ص ٣٣، وأورده الحافظ ابن كثير من طريق ابن أبي داود، وقال: إسناده صحيح. فضائل القرآن ص ٤٥.


الصفحة التالية
Icon