(٢٨) رواه الترمذي في جامعه، كتاب القراءات باب في فاتحة الكتاب (٥/١٨٥) ح ٢٩٢٧.
(٢٩) انظر: كتاب المصاحف لابن أبي داود باب ما اجتمع عليه كُتَّاب المصاحف، ص ١١٧-١١٨، ومناهل العرفان (١/٣٩٦).
(٣٠) رواه ابن أشتة في كتاب المصاحف، انظر الإتقان في علوم القرآن (٢/٢٧٧).
(٣١) مناهل العرفان (١/٣٩٥).
تابع المبحث الثاني: رد الشبهات التي أثيرت حول الجمع العثماني
الشبهة الخامسة: دعوى أن في المصاحف العثمانية لحنًا
وردت آثار عن بعض الصحابة والتابعين فيها أن القرآن العظيم قد وقع فيه لحنٌ عند جمعه في زمن عثمان ؟.
فعن عكرمة الطائي قال: لَمَّا كتبت المصاحف عُرِضَتْ على عثمانَ، فوجدَ فيها حروفًا من اللَّحْن، فقال: لا تُغَيِّرُوها؛ فإن العرب ستُغَيِّرُها- أو قال ستعربُها- بألسنتها، لو كان الكاتب من ثقيفٍ، والمملي من هذيلٍ لم توجد فيه هذه الحروف.(١)
وعن سعيد بن جبيرٍ، قال: في القرآن أربعة أحرفٍ لحنٌ: } وَالصَّابِئُونَ ﴿،(٢) ﴾ وَالْمُقِيمِينَ ﴿،(٣) ﴾ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿،(٤) و﴾ إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ {.(٥)
قال السيوطي: وهذه الآثار مشكلة جدًّا.(٦)
وقد تعلَّق بِها بعض الطاعنين على القرآن ونقله، وزعموا أنَّها تدل على أن جمع الصحابة للقرآن لا يوثق به.
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
الأول: أن ذلك لا يصح عن عثمان، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع.(٧)
الثاني: مِمَّا يدل على ضعف هذه الآثار أن وقوع اللحن في القرآن وسكوت الصحابة عنه مِمَّا يستحيل عقلاً وشرعًا وعادةً، لوجوه:
١. أنه لا يُظَنُّ بالصحابة أنَّهم يلحنون في الكلام، فضلاً عن القرآن، فقد كانوا أهل الفصاحة والبيان.
٢. أنه لا يُظَنُّ بِهم اللحن في القرآن الذي تلقوه من النَّبِيّ ؟ كما أنزل، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه.
٣. أن افتراض صحة هذا النقل يعني أن الصحابة اجتمعوا على الخطأ وكتابته، وهذا مما لا يُظَنُّ بِهم.