وأمَّا على القول الثاني القائل بأن حقيقة العدد غير مرادةٍ، بل المراد الكثرة، فلا إشكال أيضًا، إذ القراءات المتواترة التي نقلت إلينا فيها كثرةٌ ظاهرةٌ، لا يمكن معها الزعم بأن كل هذه الاختلافات هي حرفٌ واحد.
وأمَّا على القول الثالث القائل بأن المقصود سبعة أصناف من المعاني والأحكام، وهي: الحلال والحرام، والأمر والزجر، والْمحكم والمتشابه، والأمثال، فلا شكَّ أن القرآن المنقول إلينا فيه كل ذلك، وهو أمر ظاهر جلي.
على أن كل الأوجه السابقة في غاية الضعف.
وأمَّا على القول الرابع القائل بأن المراد سبع لغات من لغات العرب الفصحى متفرقة في القرآن لا تجتمع في الكلمة الواحدة، فذلك أيضًا كثيرٌ في القرآن، فقد ورد فيه من غير لسان قريش شيء كثير، وقد أفرده بعض العلماء بالتصنيف، ونقل السيوطي من ذلك الكثير في باب أفرده فيما وقع بغير لغة الحجاز، وذكر فيه ما وقع في القرآن على نحو ثلاثين لغة من لغات العرب.(١)
وقد سبق الرد على هذا القول وبيان ضعفه.
وأمَّا على القول الخامس القائل بأن المراد سبع لغات تكون في الكلمة الواحدة باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، فهو الذي دعا أصحاب القول الأول إلى زعم أن الأحرف الستة غير باقية في القرآن، وعلى فرض التسليم بأن قولهم هو الصواب في المراد بالأحرف السبعة في الحديث، فإنه ما زال في القرآن كلمات تقرأ باختلاف في اللفظ، مع اتفاق المعنى، ومن أمثلة ذلك من القراءات المتواترة:
قوله -جلَّ ذِكْرُهُ: } قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ {،(٢) فقرأ حمزة والكسائي بالثاء المثلثة، والباقون بالباء، واللفظان متوافقان في المعنى.(٣)


الصفحة التالية
Icon