قوله تعالى: } إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ﴿،(٤) وقوله: ﴾ إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ﴿،(٥) فقد قرأها الجمهور هكذا من التبيُّن، وقرأ حمزة والكسائي وخلف في اختياره: ﴾ فَتثَبَّتُوا ﴿ من التثبت، والتبين والتثبت متفقان في المعنى.(٦)
قوله ؟: ﴾ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴿،(٧) فقد قرأ عاصمٌ هكذا من البشر، جمع بشير، وقرأ الباقون من النشر، فقرأ حمزة والكسائي وخلف في اختياره: ﴾ نَشْرًا ﴿ على أنه حال، أي: ناشرةً، أو منشورةً، أو ذات نَشْرٍ، وقرأ أبو جعفرٍ ونافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: ﴾ نُشُرًا ﴿، بضم النون والشين جمع ناشر، وقرأ عبد الله بن عامر: ﴾ نُشْرًا { بضم النون وسكون الشين، كالسابق مع التخفيف بتسكين الشين، والبشر والنشر متوافقان في المعنى.(٨)
وأمَّا على القول السادس بأن المراد بالأحرف السبعة الأنواع التي يقع بِها التغاير والاختلاف في القراءات القرآنية، أو في لغات العرب، فالموجود منها في القراءات المتواترة يفوق الحصر، وهو كل ما اختلف فيه القراء، من فتح وإمالة، وإثبات وحذف، واختلاف حركات الإعراب، والزيادة والنقصان.(٩)
ومن أظهر الأدلة على أن الصحابة عندما نسخوا المصاحف في زمن عثمان ؟ كتبوا كل ما ثبت عرضه في العرضة الأخيرة من الأحرف السبعة -اختلافُ المصاحف العثمانية وتفاوتُها، كما مرَّ بنا،(١٠) إذ لو كانت مكتوبة بلغة واحدة، على حرف واحد لَما كان بينها اختلافٌ.
وأمَّا القول الأول القائل بأن الأحرف السبعة قد ذهبت ولم يبق إلا حرفٌ واحدٌ، فيجاب عن أدلته بِما يأتي: