وحقيقة الآية أنَّها: كلُّ شيء ظاهرٍ هو ملازمٌ لشيء لا يظهر ظهورَه، فمتى أدرَك مُدركٌ الظاهر منهما، علِم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته، إذ كان حكمهما سواءً، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات، فمَن علِم بملازمة العَلَم للطريق المنهج، ثم وجد العَلَم - علِم أنه وجد الطريق، وكذا إذا عليم شيئًا مصنوعًا علِم أنه لا بدَّ له من صانع.(٢)
واختلف في وزنِها، فقال الخليل وسيبويه: (فَعَلَة)، بفتح العين، والعين ياء أو واوٌ،(٣) فلما تحركت وانفتح ما قبلها أبدلت ألفًا.
وقال الفراء والكسائي: وزنُها (فَاعِلةٌ) والذاهبة اللام، ولو جاءت تامةً لجاءت آيِيَة، فخففت، وقيل الذاهبة العين تخفيفًا أيضًا.
وقيل هي على وزن (فَعْلَة) بسكون العين، فقلبت الياء ألفًا لانفتاح ما قبلها، وهذا قلب شاذٌّ.(٤)
وتطلق الآية في اللغة على ثلاثة معانٍ: العلامة، والجماعة، والأمر العجيب.
فالآية: العلامة، قال تعالى: } إن آية ملكه إن يأتيكم التابوت ﴿.(٥)
والآية الأمر العجيب، قال تعالى: ﴾ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً {،(٦) وهي الولادة دون الفحل.
وآية الرجل: شخصُه، وتقول: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم، ومنه آية القرآن؛ لأنَّها جماعةُ الحروف.(٧)
قال ابن منظور:(٨) والآية من التنزيل، ومن آيات القرآن العزيز، قال أبو بكر: سميت الآية من القرآن آية؛ لأنَّها علامة لانقطاع كلامٍ من كلامٍ.
ويقال: سميت الآية آية لأنَّها جماعة من حروف القرآن.
وقال ابن حمزة: الآية من القرآن، كأنَّها العلامة التي يُفضى منها إلى غيرها، كأعلام الطريق المنصوبة للهداية.(٩)
وقيل: سميت آية لأنَّها علامة على صدق من أتى بِها، وعلى عجز المتحدى بِها.
وقيل: لأنَّها علامة على انقطاع ما قبلها من الكلام منها، وانقطاعها مِمَّا بعدها.(١٠)
الآية اصطلاحًا