قال ابن حجر: وفيه نظرٌ (يعني قول الباقلاني)، بل الذي يظهر أنه كان يعارضه به على ترتيب النزول.(٧)
والذي يظهر -والله أعلم- قول الكرماني والباقلاني وابن الأنباري، فإنه لا يُعلم دليلٌ يدل على كيفية عرض النبي ؟ القرآن على جبريل ؟، وقد عُلم أن عامة قراءته (٨) ؟ كانت على ما عليه ترتيب المصحف الآن.(٩)
المبحث الثاني: العرضة الأخيرة للقرآن الكريم
لما كانت معارضة النبي ؟ لِجبريل بالقرآن بغرض تأكيد الحفظ والاستظهار وغير ذلك من الفوائد كما سبق، وكانت الحاجة إلى هذا التأكيد بعد وفاة النبي ؟ آكد، فلما اقترب زمن وفاة النبي ؟ عارضه جبريل ؟ بالقرآن مرتين، وذلك في رمضان من السنة التي تُوُفِّي فيها ؟، وكان ذلك إرهاصًا بقرب انتقاله ؟ إلى الرفيق الأعلى:
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ؟ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ عَلَى جِبْرِيلَ، فَيُصْبِحُ رَسُولُ اللهِ ؟ مِنْ لَيْلَتِهِ الَّتِي يَعْرِضُ فِيهَا مَا يَعْرِضُ وَهُوَ أَجْوَدُ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ، لا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ، حَتَّى كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي هَلَكَ بَعْدَهُ عَرَضَ فِيهِ عَرْضَتَيْنِ.(١٠)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ ؟ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.(١١)
وعَنْ عائشةَ في حديث وفاة النبي ؟ أنَّ فَاطِمَةَ قَالَتْ: إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيَّ فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ ؟ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي بِهِ الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ حَضَرَ أَجَلِي.(١٢)
قال الكوثري:... فتكون القراءة بينهما في كل سنة مرتين، وفي سنة وفاته أربع مرات، فتفرَّس النبي ؟ من تكرير المعارضة في السنة الأخيرة قربَ زمن لحوقه بالرفيق الأعلى.(١٣)


الصفحة التالية
Icon