سبق وأن ذكرنا في مصطلحات الدراسة أن التكشيف اللفظي يعتمد على التقاط ألفاظ القرآن، ومن ثم وضعها في ترتيب هجائي حسب أوائل هذه الألفاظ (قد يكون الكشاف معتمدا على الجذر كمدخل، أو رسم اللفظ بدون تجريد، أو تجريد لبعض سوابق اللفظ كحروف الجر والعطف وغير ذلك). ومحور التكشيف اللفظي هو اللفظة القرآنية بغض النظر عن الدلالة، وما تحمله من معنى. وبسبب ذلك نجد أن بعض المتهمين في مجال تكشيف النص القرآني (عطية، ١٤٠٣) يرى أن الكشافات اللفظية لا تسعف الباحثين في العثور على الدلالة الموضوعية للآيات "ذلك أن من إعجاز القرآن تحمل ألفاظه بالوافر من المعاني والأفكار.. فالكلمة فيه أصلها ثابت وفروعها من المعاني ممتدة متكاثرة، لا يحيط بها بشر، ولا يحكمها زمان" (عطية، ١٤٠٣، ص ١٤٧).
بينما يرى آخرون (ومنهم أستاذنا الدكتور حشمت قاسم في نقاش دار معه بخصوص تكشيف النص القرآني) أن التكشيف اللفظي لآيات القرآن هو الأكثر مناسبة، وأن التكشيف وفق ألفاظ النص بدون تدخل العنصر البشري في تحديد المفاهيم أو الدلالات هو من أكبر مزايا التكشيف اللفظي إذا ما قارنه بالتكشيف الموضوعي الذي يعتمد على فهم المكشف لدلالة النص المكشف. ولعل مرد ذلك إلى أن دلالات آيات القرآن قد تختلف من شخص لآخر (انظر الفقرة التالية).
٣-٢-٢ التكشيف الموضوعي (المفاهيمي)
وهذا النوع من التكشيف - عموما - من أصعب مناهج التكشيف على الإطلاق، وتطبيقه على النص القرآني أكثر صعوبة كما مر معنا قبل قليل. فعملية التكشيف الموضوعي متداخلة الأطراف، فثقافة المكشف لها أثر في تحديد دلالة الآية الموضوعية، وكذلك استنباطه وتحديده للكلمات الدالة أمر يحتاج لكثير من العلوم والمعارف. وهذا العمل شبيه بمن يفسر آيات القرآن الكريم، وكما نعلم أن من يتصدى لتفسير القرآن ينبغي أن يكون لديه إلمام بكثير من العلوم التي تخدم فهم النص القرآني.


الصفحة التالية
Icon