إذا قيل للمقبل للمصحف : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله ﷺ ؟! واجهك بأجوبة غريبة عجيبة جداً، منها : يا أخي ! وماذا في ذلك ؟! هذا فيه تعظيم للقران ! فقل له : يا أخي ! هذا الكلامُ يعاد عليك : وهل الرسول ﷺ كان لا يُعظم القران ؟ لا شك أنه كان يعظم القران، ومع ذلك لم يُقبله، أو يقولون : أنت تنكر علينا تقبيل المصحف ! و ها أنت تركب السيارة، وتسافر بالطيارة وهذه أشياء من البدعة ؟! يأتي الرد على ما سمعتم أن البدعة التي هي ضلالة، إنما ما كان منها في الدين.
أما في الدنيا، فكما ألمحنا آنفا أنه قد تكون جائزة، وقد تكون محرمة إلى آخره، وهذا الشيء معروف، ولا يحتاج إلى مثال.
فالرجل يركب الطيارة ليسافر إلى بيت الله الحرام للحج، لا شك أنه جائز، والرجل الذي يركب الطيارة ليسافر إلى بلاد الغرب ويحُج إليه، لا شك أن هذه معصية، وهكذا.
أما الأمور التعبدية التي سئُل عنها السائل : لماذا تفعل ]هذا[(٢٠) ؟ قال التقرب إلى الله !
فأقول : لا سبيل إلى التقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بما شرع الله، ولكني أريد أن أُذكر بشيء وهو - في اعتقادي - مهم جدا لتأسيس ودعم هذه القاعدة ( كل بدعة ضلالة )، لا مجال لاستحسان عقلي بتاتاً.
يقول بعض السلف : ما أُحدثت بدعة إلا و أُميتت سنةٌ.
وأنا ألمس هذه الحقيقة لمس اليد بسبب تتبعي للمحدثات من الأمور، وكيف أنها تخالف ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام في كثير من الأحيان.
وأهل العلم والفضل حقاً إذا أخذ أحدهم المصحف ليقرأ فيه، لا تراهم يُقبلونه، وإنما يعملون بما فيه، وأما الناس - الذين ليس بلعواطفهم ضوابط - فيقولون : وماذا في ذلك ؟! ولا يعلمون بما فيه ! فنقول : ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة.