فأولُ ما يُفسرُ به القران الكريمُ(٢٦) هو القران مع السنة - وهي أقوال وأفعال وتقريرات رسول الله ﷺ - ثم بعد ذلك بتفسير أهل العلم، وعلى رأسهم أصحاب رسول الله ﷺ، وفي مقدمتهم : عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه، وذلك لقد صُحبته للنبي ﷺ من جهة، ولعنايته بسؤاله عن القران وفهمه وتفسيره من جهة أخرى، ثم عبدالله بن عباس رضي الله عنهما فقد قال ابن مسعود فيه ( إنه تُرجمان القران )، ثم أي صحابي من بعدهم ثبت عنه تفسير آية - ولك يكن هناك خلاف بين الصحابة - نتقلى حين ذلك التفسير بالرضا والتسليم والقبول، وإن لم يوجد وجب علينا أن نأخذ من التابعين الذين عُنوا بتلقي التفسير من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كسعيد بن جبير، وطاووس ونحوهم ممن اشتهروا بتلقي تفسير القران عن بعض أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، وبخاصة ابن عباس كما ذكرنا.
وهناك - للأسف- بعض الآيات تُفسر بالرأي والمذهب، ولم يأت في ذلك بيان عن النبي ﷺ مباشرة، فيستقل بعض المتأخرين في تفسيرها تطبيقاُ للآية على المذهب، وهذه مسألة خطيرة جداُ، حيث تُسفر الآيات تأييداُ للمذهب، وعلماء التفسير فسروها على غير ما فسرها أهل ذلك المذهب.
ويمكن أن نذكر مثالُ لذلك : قوله تبارك وتعالى ( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ )]المزمل٢٠[، فسرته بعض المذاهب بالتلاوة نفسها، أي : الواجب من القران في الصلوات إنما هو آية طويلة أو ثلاث آيات قصيرة ! قالوا هذا مع ورود الحديث الصحيح عن النبي ﷺ قال ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )(٢٧)، وفي الحديث الاخر ( من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خِداج، هي خِداج، هي خِداج غيرُ تَمام )(٢٨).


الصفحة التالية
Icon