أما وجود ألفاظ في القرآن وردت في لغات بعض العرب فأمر طبيعي، لتوافق لغات العرب في معظم الألفاظ، ولا يمكن القول إن لفظة ما في القرآن ليست من لغة قريش لمجرد وجودها في لغة أخرى من لغات العرب، وكذلك الشأن في الألفاظ التي وردت في القرآن مما وقع مثله في بعض اللغات الأعجمية، لا يمكن القول بناء على ذلك إن القرآن نزل بتلك اللغات (١). قال ابن قتيبة :" غير جائز أن يكون في القرآن لغة تخالف لغة قريش، لقوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ﴾ إلا أن يكون القائل لهذا أراد ما وافق هذه اللغات لغة قريش" (٢)
إن القول بنزول القرآن الكريم بلغة قريش يتوافق مع شواهد التأريخ وطبيعة اللغات البشرية، والعقل يقتضي أن تكون لغة أهل مكة ذات خصائص لغوية متجانسة، وأن لغة رسول الله – ﷺ – كانت متطابقة مع تلك اللغة، وأن معنى نزول القرآن بلغة قريش أن رسول الله – ﷺ – كان يتلو القرآن ويبلّغه على نحو يطابق نطق العربية السائد في مكة، وكان أهل مكة يسمعون منه القرآن، ولا يستشكلون ذلك النطق، كما أنهم لا يصعب عليهم تقليده.

(١) ينظر عن تلك الألفاظ : السيوطي : الإتقان ٢/٨٩-١٢٠، وابن بسطام : مقدمة كتاب المباني ص ٢١٤ – ٢١٥
(٢) نقلاً عن أبي شامة: المرشد الوجيز ص ٩٤


الصفحة التالية
Icon