وهناك جدل بين بعض المهتمين بتاريخ القراءات حول مدى انتشار بعض القراءات في العصور السابقة، وتقدِّم المصاحف المخطوطة وثائق لا تحتمل الشك حول انتشار كل قراءة، ويمكن من خلال رصد القراءات التي ضبطت بها آلاف النسخ المخطوطة أن نرسم خارطة لانتشار القراءات القرآنية زماناً ومكاناً، فكثيراً ما يكتب نُسَّاخ المصاحف زمان إكمالهم نسخ المصحف، ومكانه.
٤. وللمصاحف المخطوطة قيمة جمالية تتعلق بالخطوط المتقنة التي تكتب بها، وبأنواع الزخارف التي تتصدر السور أو تُزَيِّنُ حواشي الصفحات، وكذلك تظهر جمالية المصاحف في الأغلفة وما عليها من زخارف، وكل هذه الجوانب تنتظر من يتابع دراستها من المتخصصين، لإبراز عناصر الجمال فيها.
وعلى الرغم من تلك الأهمية التي ذكرتها لدراسة المصاحف المخطوطة فإن الباحث لا يكاد يجد ما يشير إلى تقدّم في مثل هذه الدراسات، بقدر ما اطلعت عليه من مصادر وبلغني من معلومات، وقد يكون هناك ما لم أطلع عليه، لكن ذلك يشير إلى ندرة في مثل هذا النوع من المصادر، وهناك صعوبات متعددة تعترض سبيل من يريد أن ينهض بشيء من هذه الدراسات، لعل في مقدمتها :
١. وجود المصاحف المخطوطة في مكتبات كثيرة متباعدة، في بلدان العالم الإسلامي، وبعض دول أوربا وأمريكا، مما يتعذر على الدارس الاطلاع على كثير منها، ويمكن تجاوز هذه الصعوبة بنهوض دارسين للمصاحف في كل بلد من تلك البلدان على أن تصب نتائج تلك الدراسات في مرجع واحد، وفق خطة موحدة، أو القيام باستنساخ تلك المصاحف وجمعها في مكان واحد وتمكين الدارسين من الاطلاع عليها.