٢. العدد الكبير من المصاحف المخطوطة التي تنتظر الدراسة، وهي لا تقل عن بضعة آلاف، إن لم تتجاوز إلى عشرات الآلاف، ويكفي دليلاً على ذلك أن المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية أصدر ( فهرس المصاحف المخطوطة ) في أربعة أجزاء، ودراسة هذا العدد الكبير من المصاحف يحتاج إلى عدد مناسب من الدارسين ذوي الصبر والمعرفة. ولعل قائلاً يقول : إن بعض المصاحف يمكن تجاوزه في الدراسة لعدم أهميتها من بعض الجوانب، ولا شك في أن بعض المصاحف أكثر أهمية ودلالة من بعض، لكن أيُّ مصحف من المصاحف المخطوطة يرتبط بكاتب كتبه، وزمان كُتِبَ فيه، وبلد أو مدينة، وطريقة في الرسم، أو الضبط، أو الزخرفة أو التجليد، وكل ذلك ذو دلالة في دراسة شاملة تؤرخ للمصحف المخطوط في عصوره المتعاقبة، من كل الوجوه.
٣. صعوبة الاطلاع على المصاحف المخطوطة والقراءة فيها، بحجة المحافظة عليها من التلف، ولا شك في أن المحافظة على تلك المصاحف واجب ديني وإنساني، لكن يجب الموازنة بين متطلبات ذلك، وحاجة الدارسين إلى الاطلاع عليها والقراءة فيها، والاستنساخ منها. وكنت قد عانيت من هذه الصعوبة وقت إعداد رسالتي للماجستير ( رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية ) سنة ١٩٧٥ في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، ففي الوقت الذي تمكنت فيه من القراءة في مصحف جامع عمرو بن العاص المحفوظ في دار الكتب المصرية برقم (١٣٩ مصاحف )، وهو مصحف أثري مكتوب بالخط الكوفي القديم على رق الغزال - فإني لم أتمكن من القراءة في المصحف المماثل المحفوظ في جامع الحسين بالقاهرة، على الرغم من المراجعات الكثيرة، والمخاطبة المتكررة من عمادة الكلية للجهة المسؤولة عن حفظه، وقد استفاد البحث كثيراً من القراءة في مصحف جامع عمرو بن العاص، وحُرِمَ مثل تلك الفائدة بسبب عدم التمكن من القراءة في مصحف جامع الحسين.


الصفحة التالية
Icon