٤. حاجة الدارس للمصاحف المخطوطة إلى خبرات متنوعة، لغوية تتعلق بالعلامات الكتابية، وفنية تتعلق بالخطوط وأنواعها، وعلمية تتعلق بتحليل مواد الكتابة من ورق وحبر، لتقدير تاريخ كتابة تلك المصاحف، في حالة عدم تثبيت تاريخ النسخ فيها، وهو ما يصعب تحصيله لشخص واحد.
ولا شك في أن تلك الصعوبات تُبَيِّنُ استحالة قيام باحث واحد، أو عدد محدود من الباحثين، بجهودهم الفردية، بمهمة دراسة المصاحف المخطوطة وتقديم نتائج تلك الدراسة للمهتمين بموضوعها، فالأمر يحتاج إلى عمل مؤسسي يتولى القيام بأعباء تلك العملية، من تخطيط وتنفيذ، ومن مال ومن متخصصين.
وكنت حين أكملت كتابة بحثي عن رسم المصحف تقدّمت في خاتمته بمقترحين اثنين (١) :
الأول : إعادة دراسة الإملاء العربي الذي نكتب به اليوم في ضوء علاقته بالرسم المصحفي وقد تحقق لي ذلك، والحمد لله، في كتابي ( علم الكتابة العربية ).
والآخر : الاهتمام بمخطوطات المصاحف والكتب القديمة والوثائق المخطوطة على اختلاف أشكالها وعصورها، وتمكين الدارسين من الاطلاع عليها والقراءة فيها، والاستنساخ منها.
ولكن بعد ثلاثين سنة من ذلك لم أُلاحظ بروز مثل تلك المؤسسة التي تحتضن الدارسين وتوفر لهم مستلزمات البحث، على الرغم من التقدم الكبير الذي حصل في مجال الدراسات القرآنية، وطباعة المصحف، ونشر المؤلفات المتخصصة في علوم القرآن، لكن ذلك كله لا يُعَوِّضُ عن الحاجة إلى دراسة المصاحف القديمة دراسة علمية تعنى بالجوانب الآتية :
١. الرسم، والضبط.
٢. فواتح السور، وعلامات الأجزاء، وأرقام الآيات.
٣. نوع الخط.
٤. الزخارف والتجليد.
وكنت قد اطلعت على أعمال علمية أنجزها بعض المستشرقين خدمت الدراسات القرآنية، وهي تعطي مثالاً لما يمكن أن تكون عليه دراسات المصاحف المخطوطة، وهي :