الأول : الحفاظ على قراءة القرآن التي قرأها رسول الله – ﷺ -، وصحابته، بأصواتها وأحكامها، من خلال التلقي الشفهي والتلقين، وفي ذلك حفظ للقرآن الكريم ذاته.
والآخر : الحفاظ على اللغة العربية من التغير والتبدل، وذلك من خلال تلقين الناشئة النطق الصحيح وهم يتعلمون قراءة القرآن، فتعتاد ألسنتهم على النطق الفصيح.
وحاجة الأمة مستمرة إلى كلا هذين الأمرين، مما يدعو إلى العناية بتعليم الناشئة علم التجويد وأحكام القراءة الصحيحة، والعناية بالتراث العلمي الذي تركه علماء القراءة والتجويد، وتيسير الاستفادة منه، وهو ما تضطلع به اليوم المؤسسات العلمية والجمعيات الخيرية، والأفراد، في مسيرة مستمرة متواصلة يتسابق فيها المعلِّم والمتعلم، يحدوهم قول النبي – ﷺ - :" خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلّمه " (١)، وهذا الحديث كان يرويه أبو عبد الرحمن السلمي الذي جلس في مسجد الكوفة الجامع يعلّم القرآن أربعين سنة، ويقول : هذا الذي أقعدني هذا المقعد. (٢).
(٢) المؤلفات الأولى في علم التجويد :
لعل أقدم نص وردت فيه كلمة ( التجويد ) بالمعنى الاصطلاحي هو قول ابن مجاهد البغدادي ( ت ٣٢٤هـ) :" اللحن في القرآن لحنان : جليٌّ وخفيٌّ، فالجلي لحن الإعراب، والخفي ترك إعطاء الحرف حَقَّهُ من تجويد لفظه". (٣) وهذا القول قد أرسى لهذا العلم عنوانه، وهو ( علم التجويد )، كما أنه حدد موضوعه، وهو معالجة مظاهر اللحن الخفي.
(٢) ينظر : ابن الجزري : غاية النهاية ١/٤١٤
(٣) الداني : التحديد ص ١٨، وينظر : السعيدي : رسالتان ص ٢٧- ٢٨