ومن اللافت للنظر أن أكثر كتب علم التجويد الأندلسية بقيت متداولة حتى وصلت إلى زماننا، وكانت مدار البحث والدرس في القديم والحديث، بينما لم يبق من كتب المشارقة شيء يُذْكَرُ، فكتاب أبي الفضل الرازي كان معروفاً على ما يبدو حتى عصر ابن الجزري، وقد نقل منه الأندرابي ( ت ٥٠٠هـ) في كتابه ( الإيضاح في القراءات ) (١)، ولا نعلم شيئاً عن كتاب ابن البناء ( التجريد في التجويد ) لولا أنه ذكره في رسالته القيمة ( بيان العيوب التي يجب أن يتجنبها القراء ). (٢)
٢. تتميز مؤلفات القرن الخامس التي اطلعنا عليها بالجدة والابتكار، فقد تحقق على يد مكي والداني وضع قواعد هذا العلم بشكلها المستقل عن كتب اللغة وكتب القراءات، واستطاع عبد الوهاب القرطبي في كتابه ( الموضح) أن يجمع بين (الرعاية والتحديد) في صياغة جزلة وتبويب محكم.
٣. تشترك الكتب الثلاثة ( الرعاية، والتحديد، والموضح ) بمعالجة الموضوعات الأساسية لعلم الأصوات : دراسة المخارج والصفات، والأحكام الصوتية الناشئة عن التركيب، مطبقة على الآيات القرآنية، مع احتفاظ كل واحد من الثلاثة بشخصية علمية متميزة لا يتسع المجال للحديث عنها.
(٢) حققتها وصدرت أولاً في الكويت سنة ١٩٨٧، ثم في عمان سنة ٢٠٠٠م